الاثنين، أغسطس 07، 2017

رواية: من طوخ إلى النمسا...أيام لا تنسى (8)





دارت ماكينات الطباعة ، وكانت المطبعة فى الحى السابع Seidengasse الدور الأرضى نتابعها من الشارع من خلال النوافذ المفتوحة ، ونسمع الضجيج ، والتخبيط ، وقفنا فى طابور نقدم الكعب بعدد جرائده يكون استلام العدد باليد ، جرائد مولعة والطباعة سيئه ، وتلتصق باليد ، وإياك مع العرق تلامس أناملك عيناك ، وهات يا جرى على المواصلات البائعون ينتظرون، وينطلقون من هنا الى جميع ارجاء ڤيينا ، وتعودت وسائل المواصلات هنا ، والنَّاس على التكدس بالجرائد .. 


وصلت المكان حوالى الثـامـنه والنصف وقالوا لنا اللفيكسوم ( الأجر ) لن ينتقص منه شيء رغم التأخير ، كان أجر مكان الليل 40 شلن وكل جريدة مُباعة 60 سنت ، وأماكن بيع الجرائد مختلفة ثابت ، ومتحرك .. المكان الثابت عند محطة قطار ، مترو انفاق ، محطة اوتوبيس ، سوبر ماركت ، بنك غالبا المكان الثابت يحميك من المطر والثلج ، اما المكان المتحرك وسط الإشارات والسيارات ، على الكبارى ، وفى وسط الطريق ، والمكان الطلق مكشوف للسماء ، والمطر والثليج ومحتاج مجهود حتى تبيع ، ونظام المراقبة نظام يهود معظم الشيفات كانوا من سائقى التاكسى القدامى حافظين الشوارع ، والكنترول يخصم الأجر ، ويأوس المكان أحدثك بلغة بائعى الجرائد ، مصطلحات حفظناها عن ظهر قلب دون نقاش ، أشرح لك واحدة على سبيل المثال ( تأويس ) ( أوّس )( أو وّسنى ) كلها تعنى رفدنى ، وطردنى من مكان بيع الجريده، وكلها مُشتقة من الكلمه الألمانيه Aus . والحجج كثيره منها لم يجدك فى المكان ، 

وفتح المكان صباحا فى الخامسة والنصف حتى الحادية عشر ، والليل حتى الحادية عشر ليلاً ، لم ترفع الجريده اثناء البيع ، لم تنزل الاشاره ، قاعد على جنب بتأكل ، اتذكر كُنَّا نقول له البرد شديد وذهبت الى دوره المياه يقولك لا فى هذا التوقيت لا تذهب الى الحمام ، وما اصعب على النفس تروح الجريدة وعند تطليع الحساب تكتشف أجرك مخصوم ، وعايش وصاحى مبكرا من اجل العموله فقط . او سحب المكان منك والله كانت الناس تبكى بدموعها ، ومنهم من كان لا يتحمل ويحجز ويسافر ، فى هذة الليلة اصيبت بصدمة كبيره لم أبيع الا 5 جرائد فقط منهم جريدتان فى المواصلات ، وقلت ياربى كل هذة المتاعب ، والمعاناة من اجل 5 جرائد ، لكن الليلة اول مكان عمل رسمى محتاج منه 3 أسابيع عمل متواصل حتى اجدد أقامتى التى أوشكت على الانتهاء . 

( ر) مع الشاب القصير بظهر منحنى ( ك ) وحديث عال عن أموال ضاعت فى القمار ، واموال ضاعت على ( النسوان ) وجاء إحداهم يبحث عن ديونة وحساباته القديمة عند المدينين له هنا ، وَعَبَد المسيح يكلم مجدى هذا المظروف بداخلة 10.000 شلن البوليس أمامنا تدخل تعطية جوازك وقلة سياحة يسألك تسلمة الفلوس هيرجعها ويكتب سياحة وربنا يسهل ، اعتدلت من سريرى وقلت لعبد المسيح مشكلتى نفس مشكلة مجدى عايز اجدد الفيزا مثلة سياحية وافقنى واتفقنا ، وخرجت مع مجدى الى البوليس ، كل منا داخل بعد الثانى بنفس المبلغ المالى ونفس الغرض السياحى وبهذا احتفظ البوليس بجواز سفرى اما تجدد سياحة او اجمع عدة أسابيع إيصالات رسمية من شغلة الجرائد وأجدد الفيزا عن طريق الجرائد .. 

لازلت أتغذى على المربة والخبز والكاكولا .. ليل نهار .. وتعلمت اجمع ملابسى الداخلية ، ومعى قطعة من الصابون وفى محطة القطارات وبالماء الساخن اغتسل واغسل ملابسى وعند الحديقة لو الشمس ساعدتنى ، ألقى بالغسيل على فروع الاشجار الداخلية ، وأضيع الوقت فى القراءة ، او الكتابة ، او تسميع الكلمات الالمانية التى سجلتها عندى ، وحان استلام الجرائد وهرولت كغيرى على المواصلات الى اماكن الوقوف .. وجاءت سيدة عجوز بكلب تسألني عن جريدة كرونا قلت لها معى فقط كورير ، وتردد الطلب اكثر من مرة على الكرونا ، وهناك من نظر لى باستغراب ، وانا أقف على الناصية مرتديا جاكيت البيع ، وفجأة لمحت شخص بجاكيت كرونا يتمايل فى مشيته طويل القامة يحمل الجرايد على جانبه واقترب منى وتحادثنا بالانجليزية احمد باكستاني معه لوفة ( يمر فقط على المقاهى ) قال لى انت مسكين هذا المكان لم يقف فية أحد قبلك ( مكان صيفى للطلبة فقط ) لكنه ابتسم فى وجهى واعطانى كم جورنال من الكرونا وقال لى كل يوم امر عليك وأعطيك جرائد واشترى منك الكورير بثمنه ومايتبقى أعيده اليك وجرائدى اعوضها من الجريدة فكثيرون يرمون جرائدهم فى الزباله حتى يحققوا نسبة المبيعات المُقرره .. وإذا جاء قبلى المكان يرمى لى جرايد فى مكانى ويعود لاحقا .. كنت انادى على الجرايد كوريا موريا وانا ابتسم وكل من يسمعنى يقولى كوريا موريا .. 

فى التاسعة الا الربع تماما تخرج من البيت مدام Kommoreak ومعها كلبها ، تدس فى يدى بابتسامة نوع من الفطائر وتشاور لى بيدها فهمتها من التكرار ( لفه بالكلب واعود اليك استلم الجريدة ) فى البداية عطفت واشترت الكورير ولما رأت الكرونا فضلت الكرونا ، وكل يوم تسألني سؤال لاهى بتفهم انجليزى ولا انا فاهم المانى .. 

أصبح لي مكانين لبيع الجرائد ، الليل ثابت ومريح ، والصباح أشارة فوق كُبرى مُتعب ، مكشوف ( ملطش برد ) ومطر ، ومابين الحى الثالث والثانى عشر والثامن عشر والسابع حيث كشف الحساب ، واستلام الجرائد كانت رحلتى اليوميه .

أصحو من نومى مع ضجيج الآخرين ، ذهبت الى الحنفية الماء فيها متجمد ، جريت حوالى اربع محطات ترام حتى الحق اول ترام رقم 8 ، انزل فى الميدلنج اجرى الى المحطة استلم ( باكته ) الجرائد وأواصل الجرى الى الكوبرى حتى أكون قبل 5.30 فى المكان ، لو تأخرت ترام مالحقت المكان ومعناه 70 شلنج خصومات وأحيانا نصفهم لو كان فى قلب Martieni رحمة ، أقف كغيرى حتى الساعة 11 ظهرا واما اعود الى السكن او اذهب مباشرة الى مبنى الجريدة استكمل نومى حتى يفتح الشباك فى الثانية ظهرا لترجيع الجرائد، وكشف حساب طابور ، وكمبيوتر ، وانتظار ، نجرى بعدها لاستلام Beilage دعايه ، وإعلانات نضعها فى الجرائد الجديدة ، ونقف طابور عند استلام الجرائد كلما حضرت مبكرا تستلم جرائدك مبكرا ، وتفتح المكان مبكرا ، وتبيع كثير وتقف فى مكان الليل حتى الساعة 11 مساء ، تجرى بعدها الى الترام ومنه الى ترام اخر حتى اصل البيت حوالى الثانيه عشر وربع وأنام حوالى ثلاث ساعات ونصف بالكاد ، فى مكان الليل أكون مرهقا ، يأتى Gerhadrd بالشاى ويقف معى حتى تأتى كل من لها مُشكله فى اللغة ليقوم بالترجمة ، ومنه تعلمت اهم العنوانين فى الجرائد وكنت شغوف على المعرفة ، والاطلاع ،

 وكانت معى كراسة اكتب فيها معلومات ومعانى كلمات سهلت التفاهم ، Schwein معناها خنزير ، Wein معناها نبيذ ، وممنوع Verboten ,مفيش وقت keinzeit، ولا ادخن nicht rauche وتعبان Müde , وكلمة طالب Student , وهكذا تحول مكان الليل لموقع تعلم الالمانية ،وعظمت الهدايا من الناس وكان أكثرها الشيكولاته ومخبوزات الفطائر بالعسل والمربات المختلفه ، وجاءت Alberta الراهبة وقالت لى هل لديك وقت عند الظهر نلتقى ، وأعطتنى العنوان مطبوعا ، وقلت لها الوقت الوحيد بعد انتهاء عملى الصباحي بعد الحادية عشر ظهرا حتى موعد ترجيع الجرايد عند الثانية بعد الظهر ، وأعطتنى موعدا الثلاثاء القادم ، ياربى ماذا تريد منى ، وكيف أقابلها ، وماظروف المكان ، وكيف استعد لها ، أننى ما رأيت منها الا إبتسامتها ، ومجموعة الجرايد التى تشتريها ، وتدفع بقشيش جيد ، واضطرب قلبى لهذا اللقاء ، وكنت فى قمة الإجهاد من التفكير العقلى ، والقلبى ... والى الحديث بقية ....... 


الأستاذ / سيد الحدقي

النمسا 

حقوق الملكية الفكرية محفوظة للكاتب ولموقع طوخ المعمورة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك