الأربعاء، أغسطس 08، 2012

استبليزر

ذابت كلماتي في بحور الصمت واصابني ما أصاب بقية الصحبة من أعراض السكون، إنقطاع طويل ولعله الأطول منذ إنضمامي الي الجيش السلمي لمدونة طوخ المعمورة، البعض يري أن في الصمت عقل وتدبر وروية وحلم، وأراه انا جبن وخوف وسلبية مطلقة، كيف يكون لك لسان ومنبر وتسكت عن افعال المنكر، فالكلام الخير خيرا من ألف صمت.

فلعل فرحتي بسقوط شفيق الأب الروحي للفلول في مصر هي من اصابتني بالصمت، ففي نجاحه كان الشر كله، كانت ستتحول ثورتنا من سلمية الي مسلحة، كنا سنقابل رد فعل الفلول المتعطشين للحظة رجوع السلطة بالمثل، كنا سنرد الضرب بالضرب والاذي بالاذي، كانت ستتحول مصر المحروسة الي ساحة تعارك لحرب اهليه، الحمد لله الذي نجي البلاد والقري، ومازال اصحاب القلوب السوداء يعبثون باستقرار البلاد، وقد ظهر هذا جليا في ازمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في محاولة لاظهار الرئيس المنتخب بالفاشل. فالله لو الصار الظلام سرمدا وصار الحر سرمدا الي يوم القيامة لن نكره ثورتنا المجيدة، واهمس في اذن رئيسي بان لوزاراته فطهر مازال الفلول واقاربهم في أعشاشهم هناك.

لعل فرحتي للرؤيا الأولي لنعمة الله – شروق حمدي - هي من اصابتني بالصمت، أكلمها وهي في المهد فترد عليا بابتسامه عريضة، ادنو منها لاقبل وجنتيها فتمسك يداها الصغيرتان بخصلات شعري، تنام كالملائكة وتصحوا فجاة، فتنادي علينا بالصراخ، فاسرع اليها احملها واربت علي ظهرها، واتمخطر بها ذهابا وايابا، حتي يعاود اليها النوم، فاضعها علي حجري واغني لها تهويدة جميلة، لا اعرف ان كانت تعي باني اباها؟ وكم هو مقدار الحب الذي اكنه اليها؟ حفظها الله من كل سوء.

لعل كلماتي ضاعت في ثنايا صمت المقابر، اطالع الاسماء علي شواهد القبور وكأنني اطالع سجل الهاتف للموبيل الخاص بي، اقف علي قبر احدهم فاتذكر شكله واسمع صوته، اللهم ارحم امواتنا واموات المسلمين واعتقهم من النار في هذا الشهر العظيم.

وعندما طال صمتي ذهبت الي الطبيب لاجراء الفحوصات لمعرفة اسباب الصمت الغريب، فإذ بالطبيب الذي قضي سنوات طوال في الدراسة مليئة بالصبر والجلد والتعب والمثابرة يقول بعد ان أرجع نظارته الي أخر عظمة انفه، وفرك في اذنه اليسري، وهرش في ثلاث شعيرات هي الباقية في صحراء جمجته، بان علاجي ليس عضوي ولا نفسي ولا عصبي، وانا غير محتاج لطبيب وانما في حاجة ماسة الي كهربائي، فسمعت النصيحة واستردت مبلغ الكشف لان بعد الثورة اصبح الكشف "علي السكين" فان وجد المريض بان تشخيص الطبيب اقرع او غير مقنع فمن حقه استعادة مبلغ الكشف، ذهبت الي الكهربائي الذي اصبح الوصول اليه اصعب من الوصول الي الطبيب، وحكيت له اعراضي، فاخرج مفك اختبار ووضعه علي ضرس العقل ، ثم اخرج ورقة وكتب عليها العلاج " استبليزر ".

أ. حمدي غالب طايع 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك