كنت من المشاركين والحمدلله في الثورة المصرية والطوخية حتي قبل اندلاعهما ولكن لم اكن اتخيل ابدا ان اصداء تلك الثورات سوف تصل الي داخل بيتنا، ففي احد الايام وجدت ان ابن اخي عمر معتصم اما الباب الخارجي للمنزل رافضا الدخول ومانعا اي شخص من التوجه الي خارج الدار، فشلت جميع محاولات الام والجدة معه، وكان فشلهن متوقعا نظرا لان سي عمر لايوقر للنسوة قرارا، فهو لديه تلك العنصرية بين الرجل والمراة، ولايقبل اطلاقا فكرة ان الرجل والمراة متساويان، وان لديهن مثل مالدي الرجال من حقوق، ولكن ما ادهشي حقا هو رفض سي عمر لوساطة جده لفض الاعتصام ، لان سي عمر يحب جده حبا شديدا، وهو مثله الاعلي ، وجده يفضل سي عمر علي جميع اولاده، فكلاهما وجد في الاخر ضالته، فالطفل وجد الاب الغائب والجد وجد الابن الذي يراه يكبر بخلاف ماكان يحث في السابق، حيث كبر جميع اطفاله وهو يلهث وراء لقمة العيش في البلاد البعيد.
وبعد رفضه لكل الاغراءات بدا الجميع في التلويح لسي عمر باستخدام العنف لارهابة، ولكنهم اخطأوا في ذلك تماما، لانه عنيد الطبع بالوراثة، فزاده اصرار بل وبدا في حشد اولاد اخوتي البنات وتحريضهم علي الاشتراك في الاعتصام، وبداو جميعا في الصياح والبكاء مما دفع الجيران والمارة في الشارع الي التعاطف معهم ، مما زاد من الضط الواقع علي اهل الدار، وانهالت النداءات والاتصالات علي جوال ابي لحثه علي عدم استخدام العنف المفرط في كبح اصوات المعارضة، وعليه ان يقدم اصلاحات حقيقية في اتجاه الديموقراطية، وهددوه بانه اذ لم يستجب سوف يتم تصعيد الامر الي لجنة حماية حقوق الاطفال، وفي نفس الوقت كان سي عمر قد قام بتحريض جميع اطفال الشارع الي الاشتراك معه في الاعتصام كل امام داره.
فتمت دعوة الشيخ خيري والاستاذ عواد حسيب والسادة الاخرون اعضاء مجلس ادراة جمعية شباب طوخ الي حل تلك المسالة، فماكادت ثواني تمر حتي وجدنا ان جميعهم قد حضر لاهثون، لانهم يقدرون المسؤولية الملقاه علي اكتافهم، ولاسكات الانتقادات الموجه اليهم، ولاثبات بان شباب طوخ هم الاقدر والاجدر لقيادة زمام الامور في البلدة، وبدا الشيخ خيري مِرحلة التفاوض مع سي عمر، مادحا اياه بانه طفل ذكي وان ابيه صديق حميم له، وبان كل طلباته سوف يتم الاستجابه اليها، فاستدار سي عمر ليري الذي يخاطبه ، وعندما راي وجه الشيخ خيري الملتحي حتي بدا في الصراخ مجدا وتبع في ذلك جميع اطفال الشارع حتي انسحب الشيخ خيري وحل محله الاستاذ عواد.
ووجد الاستاذ عواد نفس الفشل ولكن بدرجة اقل، ووجد اعضاء مجلس الادارة حرجا لعدم قدرتهم علي حل تلك المشكلة، فستنهال عليهم الانتقادات من اليمين ومن الشمال، فثقة الناس بهم تمثل سيفا علي رقابهم، ولكن الحمدلله وفق الله الاستاذ عواد الي التفكير بان سبب فشل المفاوضات هو فارق الفكر بين الاجيال، حيث ان جميع الوسطاء تعاملو مع سي عمر علي انه طفل وهذا كان الخطا، فنادي علي ابنه مصطفي واوعز اليه بالتفاوض مع سي عمر.
فذهب مصطفي الي هناك حيث وجد ترحاب من جميع اطفال الشارع ووقفوا له احتراما، وقدموا اليه اكياس الشبسي والمصاصات وعبوات الجيلاتي ضيافة له، ولكنه رفض تناول اي شي الا بعد معرفة سبب الاعتصام، فقال له سي عمر "يابوخالتو والله رحت اصلي مع جدي في الجامع وبعد مطلعت ملقتش الشبشب البني بتاعي اللي ابويا جابوهولي من الكويت" ، فارتسمت علامات الغضب علي وجه مصطفي الذي يحس بهذه المعاناة وكيف يكون شعور الطفل عندما يضيع منه شبب عند باب مسجد وخاصة ان كان لونه بني، حيث من الممكن ان يفقد الطفل الثقة في رواد المسجد وامامه واي شخص ملتحي ومن الممكن ان يتقاعس عن الصلاة فيما بعد ، ووعدهم مصطفي بنقل رسالتهم الي ابيه لاتخاذ اللازم وان لم يجدوا حلال لذلك سيشترك معهم في الاعتصام الجمعة القادمة، ولكن حثهم علي فض الاعتصام الان ليتمكن ذويهم من الذهاب الي اعمالهم لتستمر عجلة التنمية.
حمدي غالب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك