ملك وكتابة: إخوان ومعارضة
قام احدهما بأخذ القطعة الأكبر من بين قطعتي اللحم، فاتهمه زميله الذي يشاركه تناول وجبة الغداء بأنه طماع لأنه استأثر لنفسه بالقطعة الأكبر وترك له الأصغر، فقال المتهم ماذا كنت سوف تختار إن كنت آنت البادئ؟ فرد المدعي وهو يحاول أن يرسم علي وجهه علامات نبل وقناعة مزيفة بأنه كان سوف يختار القطعة الأصغر، فقال له المتهم هنيئا لك بها فها هي مازالت موجودة أمامك.
لنحاول أن نري الصورة مقلوبة، ولنتخيل بان الفائز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ليس من تيار الإسلام السياسي بل من التيار المدني، وبان الإسلاميين أصروا عند كتابة الدستور وضع مادة تنص علي إعادة انتخابات الرئاسة فور الانتهاء من الاستفتاء علي الدستور الجديد (بدون لف ودوران هذا هو سبب الخلاف علي الدستور)، وإلا فإنها سوف تنسحب من اللجنة التأسيسية للدستور مبررة انسحابها بان اللجنة المشكلة عن طريق مجلس الشعب هي لجنة باطلة لان مجلس الشعب باطل وما بني علي باطل فهو ليبرالي، فحينها كان سوف يهيج ويغضب التيار المدني ورئيسه المنتخب ويتهم القوي المعارضة بأنهم متخلفين ولديهم جهل مدقع وانتهازية سياسية متناهية، وكان سوف يتم عرض الدستور علي الاستفتاء وسيحشد له بدواعي الاستقرار، وكان الشعب سوف يصوت بنعم، لان برمجته الربانية هي التصويت بنعم.
فحشدت المعارضة من التيار الإسلامي مناصريها من كل حدب وصوب، وقررت الاعتصام في التحرير، وحصار المنشات الحيوية وقصر الاتحادية، وحاصر التيار المدني المحكمة الدستورية حتى لا تحكم ببطلان اللجنة التأسيسية وحاصروا أيضا جميع المساجد والمنابر وأشعلوا النيران في مكتب قناة الجزيرة وذبحوا نفس الجمل بتاع أبو إسماعيل، وتداخل الحابل بالنابل، وبدأ العنف من الجانبين، وسيتهم التيار الإسلامي بأنهم يريدون تحويل مصر إلي أفغانستان، ولا لأفغنة مصر، ولن تسمح الدولة بعودة الإرهاب والإرهابيون، وان الإرهاب لا دين له، ودعاوي لمنع النقاب لأنهم يستخدم للتخفي لتنفيذ عمليات إجرامية، وعلي الإسلاميين تقبل الديمقراطية ونتائجها أو العودة إلي العيش في البادية، وان يقروا أن اختيار الحاكم في العصر الحديث يتم عبر الصندوق وليس عبر البيعة.
الازمة تتفاقم، وكل حزب بما لديهم فرحون، الوضع لم يكن سيختلف كثيرا سواء كان الفائز مرسي أم صباحي، لان الضمائر ليست صافية، وليست مصر التي في القلوب وإنما الكراسي العفنة، فطمع من في السلطة الجشع والقناعة المزيفة للمعارضة والتناحر فيما بينهما لن يبني أوطان، فأي منهما سيكون في السلطة سيأكل قطعة اللحم الأكبر.
أ. حمدي غالب طايع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك