الخميس، مايو 01، 2014

حمدي غالب يكتب: هنا الكويت (11): غفوة شوق

 حمدي غالب يكتب: هنا الكويت (11): غفوة شوق

"مش لايق علي حيله" عيناه حائرتان، قدماه النحيلة لا تكف عن الذهاب والإياب ، وكأنه السيدة هاجر في مسعاها، جسمه النحيل الأسمر يشبه "مسمار الهيلتي" وقد بعث الله فيه الحياة للتو، أصابته شمس "قيالة" الصيف بزنة وحالة من التوهان، فصار يتخبط بين "المرابيع" القوائم الخشبية التي تحمل مهد سقف المنزل الجديد، فخلع "وزرته" - جعبة المسامير- وعصر قميصه الممتلئ بالعرق، وأكمل ترنحه كالدجاجة المذبوحة.


وفى وقت الراحة، تسلل خارج موقع التشييد، ليفترش بلاط مدخل إحدى المباني الحكومية القريبة حيث يتسلل برد مكيف الهواء خارج الباب الزجاجي، وضع يده اليمني تحت رأسه واليسري غطي بها وجهه حتى غفلت عيناه، ودخل عالم الأحلام، وعاد به الزمان لينقله إلى مكان غير المكان، وجد نفسه جالساً تحت ثلاث "نخلات" يداعب الهواء ورق سعفها، وأمام ناظريه طيور السماء تسابق اسماك النيل، وامرأة عجوز تحضر الغذاء لزوجها، وشابة مكتنزة الأرداف برفقة أبيها يتسليان ب"ترمس" قد ابتاعاه قبل مغادرتهما للمعدية.


استيقظ فجأة وطالع ساعته واستكمل غفوته، وجاءه حلم جديد "فالأحلام ببلاش"

ليلة صيفية "سودة كحل"، يستلقي علي سرير "جريد" على سطح المنزل حيث "المبيت الصيفى"، يطالع سماء متلألئة نجومها، حلاوة النوم مازالت في عينيه، يبحث عن كوب ماء ليبلل ريقه الذي جف من هول كابوس مخيف، وبعد أن روى ظمأه، تذكر بأن هناك "بطاطا" مستوية في جوف فرن الخبيز، ترجل حافياً يتحسس طريقه إلي تحت "السباتة" الجديدة حيث توجد الفرن، انتهي من أكل حبات البطاطا الخمس، واخذ يسلك أسنانه "بعودتين" انتزعهما من حصير الحلف، ثم عاد إليه هلع الكابوس المخيف، وفي جوف الليل المملل افرغ ما نتج عن البطاطا من غازات، وعاد الي نومه في هدوء.


استيقظ علي صراخ زميل العمل "قوم يابن المكحوت...حتقضيها نوم"، نهض تاركاً حلمه عائداً إلي كابوسه، فقد ضاق الصدر زرعاً، وحنت النفس شوقاً، وكاد القلب أن يتبلد وينسي المشاعر، يشحذ الحنان عبر أثير متقطع، يرتوي بكلمات الود تأتي إليه حروف منفصلة عبر اتصال هاتفي رديء.


وكآبة النفس لا يمحها إلا قبض "اليوميات المتأخرة"، فالدينار يملك تلك الميزة، وهذا ما جعل صديقنا يبدل عبوس وجه بابتسامه، واستبدل أحلام الماضي بأحلام وأماني المستقبل، وجعل لسانه يغني لكوكب الشرق أم كلثوم

" ولا نوم ولا دمع في عينيا مخلاش الدينار فيا" ....


نستكمل المرة القادمة ان كان في العمر بقية انشاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك