الأربعاء، أبريل 04، 2012

غروب وشروق

غروب وشروق

في يوم شتوي كسول، شمسه مازالت تتثائب، ما تكاد تطل حتي تحجبها الغيوم المتقطعة، ولكن لم يعد هذا غريبا في عام الثورة الاول فكل شئا اصبح معرضا للتشويش حتي البث الشمسي، جلس ثلاثة من المعممين يرتدون الجلباب الصعيدي البلدي علي المقهي البلدي الاكثر شهرة وقدما، وطلب احدهما وهو في عامة الاربعين شاياً والاخر الثلاثيني نرجيلة ام اكبرهم وهو اسود الوجه واضعا خاتم ذهبياً في اصبعة الخنصر لم يطلب شيئا الا ماء لانها مجاني فكله خشية من دفع ثمن المشروبات مثلما عهد الاثنان الاخران التنطع عليه، ليست كعادتهم في مثل هذه الاجواء الانتخابية، ففي هذه المرة يجلسون بعيدا عن بؤرة الضوء لا احد يرمي لهم بالا، اما الان فقد قالت الثورة كلمتها حتي في نفوس اهل القري والنواجيع، فقد تداركت الناس واصبحت اكثر وعيا وفهما.

لم تحافظ علي ملكا كالرجال والان تبكي كالنساء من قائل هذه العبارة؟ كانت هذه هي عادة مدرس مادة التاريخ الاستاذ احمس بن الوليد، - بالتاكيد لم يكن هذا اسمه ولكن كنية اطلقها عليه طلابه لولعه الشديد بالتاريخ الفرعوني وحماسته الرهيبة للحضارة الاسلامية - بان يبدا الحصة بسؤال ليحفز عقول طلابه ويحثهم علي الانصات لشرح الدروس، فلن يستطع احد من الطلاب الاجابة علي السؤال الي اذا استمع جيدا لشرح المدرس، ولكن تفاجئ المدرس وجميع الفصل بان احد الطلبة قام برفع يده في اشارة الي استعداده علي الاجابة علي السؤال، فنهره زميله بان يصمت لانه لايعرف الاجابة، فرد عليه بكل حزم بل اعرف، فساله مرة اخري اهل قرات الدرس مقدما؟ فرد عليه لا ولكني اعرف.

ارك فرحا علي غير العادة، اتمني ان يكون كل شئ علي مايرام، وهلم اشركني معك في فرحتك ام انني شريك الحزن فقط، ماذا حدث؟ يا صديقي انت تعلم منذ مجيئ الي الكويت كنت اعتمد اعتمادا كلي علي اخي الاصغر في قضاء حاجيات البيت، وكان هذا يشعرني بالطمانية لوجود من يرعي امي العجوز، ولكن اخي هذا العام ومنذ حوالي الشهر ونصف تم تجنيده، وذهب وترك البيت خاويا علي والدتي، اتحدث معها يوميا ولكن لا استطيع ان افعل لها شيئا فكيف ستقضي حاجياتها وكيف تزاحم الرجال الاشداء، وبدات في لعن الغربة والحياة ، ولكن اليوم كان صوتها تتراقص نغماته فرحا ، وقالت يا ولدي اليوم سمعت طرقات الباب، ففتحت فاذا باثنان من الشباب في مثل عمرك، احدهما يحمل انبوبة والاخر تبسم في حياء وقال بكل ذوق وادب جم: عمتي هذه لك، فان غاب ولدك فكلنا لك اولاد. 

حمدي غالب طايع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك