نصر عبد الموجود |
حديث الاشعر بن هارون
حدثنى
|
الاشعر بن هارون انه قال ،
بينما نحتفل بيوم العيد وظهر كل وجه فى القرية سعيد ، تجمعنا مجموعة من الاصحاب
نرتدى ابهى الثياب ، وقد صببنا على ملابسنا العطر والطيب ، ومضينا نسلم على الشباب
والشيب ، حتى اجزنا حدود المساكن والبيوت ، وانتهت بنا الاقدام الى الطريق العام ،
حين اذن شبت فينا نشوة المشى والترحال ، فركبنا سيارة ولا ندرى اين المسير حتى
وقفت بنا وسط الصحراء ، لتبدأ رحلة العناء ، وبينما نحن فى حيرة وذهول من أمر هذا
السائق المجنون ، وانتبهت انظارنا تلف المكان وتدور ، وجدنا انفسنا بين القبور ،
واذ بسحابة سوداء تقبل علينا بصرخات النساء ، فتنزل كما تنزل الصواعق من السماء ،
فتعجبنا من ذلك أشد العجب ، ووقفنا نرقب الاحداث عن كسب ، وفجأة اقترب من موكب
الحريم ، لنرى منظرا ما بعده منظر ، وخطرا ما بعده خطر ، وجدنا النساء تصرخن
وتضربن بأيديهن فوق خدودهن ، وتكومن الطين فوق رؤسهن ، وقمن فمزقنا الثياب ،
وخصصنا الدهر بالسباب حتى هدأن وجلس بعضهن الى بعض ، وأخذن يتحاورن فى سيرة
الجيران ، وفضائح بنى فلان ، وهذا قليل الاحسان وهذا كثير النسيان ، ثم كشفن عن
مقاطفهن البشاكير تفوح منها الطهايج ، وأخرجن الكعك والبسكويت ، وفطائر المشلتت
والمستت ، وأقفاص التين والرمان ، ثم جلسن يأكلن بشراسة أموال رجالهن وما أعدته
أيادهن ، فلا زلن يلتهمنه حتى بشمن ، وتركن بقايا الكعك والفطير للماعز والحمير ،
، فلا زلن هن نيام حتى حل الظلام وطافت حولهن الثعابين والعقارب ، حين ظهر الاهل
والاقارب ، وقد ظهر على وجوههم السرور ، فهم يفتشون عنهم بالدفوف والطبول ، فظن
هؤلاء الرجال أن ابتلعهن الجبال ، وتاهوا بين التلال ، وفجأة استيقظت النساء على
صوت الزغاريد ، فظنوا انهم عفاريت ، ووسط هذه الافراح تعالت أصواتهن بالنواح ،
فأدركوا لوجودهن الرجال فسقطوا صرعى على الرمال
نصر عبد الموجود هارون
ذكريات مجلة صوت طوخ 99 العدد الخامس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك