الأحد، مايو 10، 2015

: الكواكبي حادي الحرية وعدو الاستبداد



: الكواكبي حادي الحرية وعدو الاستبداد



عبد الرحمن الكواكبي ولد عبد الرحمن الكواكبى في العام 1854م في مدينة حلب السورية لأبوين …من الأشراف، وتلقى تعليمه في المدرسة الكواكبية التي كان والده مدرسًا فيها ومديرًا لها وعندما بلغ الثانية والعشرين في 1876 عمل في جريدة “فراتالرسمية، وتركها ليصدر أول جريدة له في حلب بالاشتراك مع السيد هاشم العطار في 1877، باسم “الشهباء”، لكن الأتراك الذين كانوا يحكمون البلاد في تلك الفترة لم يتركوها تصدر أكثر من 16 عددًا. ونظرًا لمقالاته النارية ضد الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن الكواكبي لم يستسلم فأسس جريدة الاعتدال عام 1879 وواصل فيها مقالاته النارية حتى أغلقت هي الأخرى ومع بلوغ الصراع ذروته الكواكبي والسلطة العثمانية بحلب وبدأت المكائد تحاك ضده، قرر الهجرة إلى مصر ووصلها في 1899، حيث وجد فيها المناخ الحر والجو الصحي الذي يتيح له نشر أفكاره بعيدًا عن تسلط العثمانيين، لأن الاحتلال الإنجليزي في مصر كان يتيح قدرًا من الحرية لأعداء الأتراك، بالإضافة إلى اجتماع القيادات العربية الثائرة والحرة في أحضان القاهرة. ولم يلبث أن استقر الكواكبي في القاهرة، حتى استأجر الأتراك العثمانيون أحد عملائهم فحضر إلى القاهرة ودس السم للكواكبي فأدركته الوفاة مساء الخميس 14 يونيو 1902، وشيعت جنازته في موكب مهيب ودفن بقرافة باب الوزير بسفح جبل المقطم على نفقة الخديو عباس الثاني. مقتطفات من كتابه “طبائع الاستبداد” ويعتبر كتابه “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد” من الكتب الجديرة بالقراءة والدراسة . وعلى الرغم من أن الكتاب قد مرت على تأليفه سنوات طويلة ولكننا نجده يشخص الحالة السياسية الراهنة بصورة دقيقة ومعبرة . فالكتاب يتحدث عن الاستبداد وطبائعه كما يتحدث بإسهاب عن المستبد وحاشيته وعلاقة الاستبداد بالدين والمال والمجد والعلم وغيرها. بجانب ذلك يقدم الكاتب في نهاية كتابه التحفة وصفة عميقة عن كيفية التخلص من الاستبداد. ومن يطالع طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد يعرف بجلاء أن للاستبداد طبائع لا تختلف باختلاف الزمان والمكان. ومن المدهش أن من يقرأ الكتاب يظن أن الكواكبي قد كتبه في عصرنا، ولم تمر على تأليف الكتاب أكثر من مائة عام ! وأعاد نشر هذا الكتاب الدكتور أسعد الحمرانى العام 2006م بمناسبة الذكرى المئوية لرحيل الكواكبي، وبعد ذلك بعام أصدر الدكتور محمد عمارة كتابا بعنوان “الكواكبي.. شهيد الحرية ومجدد الإسلام”.
يقول الكواكبي في تعريفه للاستبداد الاستبداد لغة هو غرور المرء برأيه والأنفة من قبول النصيحة أو الاستقلال في الرأي وفي الحقوق المشتركة . وسياسيا فهو تصرف فرد أو جمع في حقوق قوم بالمشيئة وبلا خوف تبعة) .
ويقول : (أشد مراتب الاستبداد هي حكومة الفرد المطلق ، الوارث للعرش ،القائد للجيش ،الحائز علي سلطة دينية ويشير إلى أن المستبد يتحكم في شئون البلاد بإرادته ، ويحكمهم بهواه لا بشريعتهم ).
• ( المستبد عدو الحق ، عدو الحرية وقاتلها ، والحق أبو البشر والحرية أمهم والعوام صبية أيتام نيام لا يعلمون شيئا ، والعلماء هم إخوتهم الراشدون ، أن يوقظوهم هبوا وان دعوهم لبوا وإلا فيتصل نومهم بالمو ت … المستبد يتجاوز الحدود ما لم ير حاجزا من حديد وان المستبد إنسان مستعد بالطبع للشر و للخير و يود أن تكون رعيته كالغنم درا وطاعة، وكالكلاب تذللا وتملقا .
• ( الاستبداد هو نار غضب الله في الدنيا. والجحيم نار غضبه في الآخرة. وهو أعظم بلاء يتعجل الله به الانتقام من عباده الخاملين. ولا يرفعه عنهم حتى يتوبوا توبة الأنفة.)
وعن أوضاع الناس في ظل الاستبداد يقول :(حتى صار الفلاح التعيس يؤخذ للجندية وهو يبكي فلايكاد يلبس ثوبها إلا ويتنمر على أمه وأبيه ولايميز بين أخ وعدو..وقد يوجد منهم من لايتنازل لقليل الرشوة ولكن لايوجد فيهم من يأبى اكثرهأ .. لايستصنعون إلا الأسافل الأراذل ولايميلون لغير المتلمقين المنافقين) .
• (المستبد في لحظة جلوسه على عرشه ووضع تاجه الموروث على رأسه يرى نفسه كان إنساناً فصار إلهاً !)
وأما الحكومة المستبدة فقد عرفها الكواكبي بقوله : (الحكومة المستبدة تكون طبعاً مستبدة في كل فروعها من المستبد الأعظم إلى الشرطي ، إلى الفرّاش ، إلى كنّاس الشوارع ، ولا يكون كل صنف إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقاً ، لأن الأسافل لا يهمهم طبعاً الكرامة وحسن السمعة ، إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدومهم بأنهم على شاكلته ، وأنصار لدولته، وشرهون لأكل السقطات من أي كانت ولو بشراً أم خنازير ، آبائهم أم أعدائهم، وبهذا يأمنهم المستبد ويأمنونه ، فيشاركهم ويشاركونه ، وهذه الفئة المستخدمة يكثر عددها ويقل حسب شدة الاستبداد وخفته ، فكلما كان المستبد حريصاً على العسف احتاج إلى زيادة جيش المتمجدين العاملين له المحافظين عليه ، واحتاج إلى مزيد الدقة في اتخاذهم من أسفل المجرمين الذين لا أثر عندهم لدين أو ذمة ، واحتاج لحفظ النسبة بينهم في المراتب بالطريقة المعكوسة وهي أن يكون أسفلهم طباعاً وخصالاً أعلاهم وظيفةً وقرباً ، ولهذا لا بد أن يكون الوزير الأعظم للمستبد هو اللئيم الأعظم في الأمة.) رحم الله الكواكبي العبقري ، وخلص شعوبنا من كل المستبدين وأعوانهم من السفلة .
الأستاذ/الطيب أديب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك