(حجاكم الله )
تعود أحداث إنقطاع التيار الكهربائى الى سنوات مضت ومضت ، فمنذ أن كنا صغارا و(الكهرباء ) كما يطلقون عليها ( تقطع ) وأحيانا كانت ليومين متتالين ، ثم فى فترات قريبة كانت يتم تقسيم البلدة الى نصفين ، نصف يقطع التيار فيه يوما ، والنصف الآخر يوما أخر ولم يكن أحد يعطى أهتماما أو يأبه بما يحدث فكان الناس يتكيفون مع الوضع القائم فى كل فترة زمنية باستخدام (لمبات الجاز) تارة و(الكلوبات ) تارة أخرى ، والكشافات الحديثة- وقتها - القادمة من الكويت تارة أخرى ..
ينقطع التيار الكهربائى غالبا وقت المغرب فتخشى أمى علينا ( الدبيب والعقارب ) فتأمرنا أنا واختى لنصعد الى سطح المنزل لننام هناك على (السراير الجريد ) فى الهواء الطلق ، نستمتع بنسماته ، نشاهد ومضات النجوم فى السماء فالسكون يخيم على كل شىء فى البلدة تقريبا ..
مازال الليل طويلا ولاتوجد وسيلة للتسرية أو الترفيه سوى القصص والآحاجى ، فكانت أمى تقص علينا العديد من القصص التى حفظتها عن أمها ،وأمها عن جدتها ، قصصا أغلبها يتحدث عن صراع الخير مع الشر، مليئة بالمواعظ ، دائما ماتنتهى بالنهايات السعيدة كماالافلام العربى ، قصصا لازالت أحفظها جيدا من كثرة تكرار سماعها مثل الشاطر حسن والعصفور الاخضر وفلفل وكثير الهوى ، والثلاث عنزات وطيرة الذهب وجدىّ العجب وافتح ياطلبس التى تشبه الى حد كبير على بابا والاربعين حرامى ..
كانت أمى تبدأ مقدمتها ب ( حجاكم الله ) ونرد أنا وأختى كما علمتنا هى ( خير إنشاء الله ) كان يا مكان يا سعد يا إكرام ، فى سالف العصر والاوان ، وما يحلى الكلام إلا بذكر النبى عليه الصلاة والسلام ( صلوا عليه ) ، كان فيه اتنين اخوات احداهما غنى يملك الأموال والضياع والغلال والاخير فقير معدوم الحال لديه من البنات سبعة ، ذهب الفقير يوما الى اخيه يطلب منه المساعدة فرفض مساعدته ومشى الفقير فى الجبال حتى وصل الى كهف الغيلان وانتظر هناك حتى انصرفوا ، الى ان تنتهى القصة بنهاية درامية يقتل فيها الغيلان جميعا على أيدى أهل البلدة ويتم القاؤهم فى البحر ويصعد أهل البلدة الى الكهف ويأخذون أموال الغيلان وقسموها فيما بينهم ، وتوته توتة فرغت الحدوته لوبيتنا قريب كنت جيبت لكم كحكة وملتوتة . .
تستمر أمى تقص لنا القصص واحدة تلو الاخرى حتى يمر الليل ونذهب فى النوم ، فما كان منى الآن سوى أن أفعل ذلك مع أطفالى حيال انقطاع التيار الكهربائى وأقوم لهم بسرد ماحفظت من قصص عن أمى وهم سعداء حولى وبعد أن أفرغ من الحدوته اختتم كلامى مارأيكم حلوة ولا ملتوتة ؟ يصيحون حلوة ، حلوة ، قص لنا واحدة أخرى يا أبى ، فما زال الليل طويلا والكهرباء على حالها ، نقص واحدة أخرى وأخرى حتى يفرغ مخزون القصص لدى ومازال الاطفال مستيقظون ، فأبدأ بتأليف قصص من وحى خيالى وأجد صعوبة فى تركيب الكلمات وهم ينظرون الى بعضهم فى حالة تبرم مما أقول فيبدو أن الحيلة لم تنطلى عليهم ، فينتابى الضجر وانهى الحدوتة مارأيكم حلوة ولا تغيظ ؟ يردون معا : يا حفيظ
أعده / خالد فهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك