حكايات وروايات كثيرة خرجت من وسط نيران الحريق المهول الذى تعرضت له منطقة الرويعى بالعتبة،وكان أبرزها حكاية العقار الذى يحمل الرقم المنحوس «13» شارع محمد نجيب.. كان المنظر عجيبا،فالنار تأكل بشراهة أدواره الست التى يوجد خمس شقق فى كل دور فيها إلا شقة واحدة فى الدورالثانى، وزاد العجب عندما اكتشفوا أن النار كانت بردا وسلاما على هذه الشقة، وتابع كثيرون المشهد منذ اندلاع الحريق بعد تداول نشطاء موقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» صورة العقار والنار تشتعل فى كل ركن فيه باستثناء هذه الشقة.
ذهبنا إلى هذه الشقة لنكتشف الحقيقة من الخيال،فوجدنا انفسنا نعيش فى قصة «خيالية وواقعية»،وبمجرد أن وضعنا قدمنا فى مدخل العقار كانت كل المشاهد تؤكد وجود حريق هائل،ظهر ذلك من تأثير النيران على البوابة العقار وترابزين السلم وباب «الاسانسير» المعطل،ورغم أن كلها من الحديد فقد لانت من شدة حرارة النيران التى استمرت لما يقرب من 12ساعة، وصعدنا على درجات السلم التى أخذت نصيبها هى الأخرى من الكارثة وغلب لون الهباب والسواد فى كل الحوائط وحولت المكان إلى ظلام دامس،على الرغم من إننا فى وضح النهار،ووصلنا للدور الثانى،وفوجئنا بأن الباب الخشبى الخاص بالشقة سليما لم تصبه النار بأى ضرر،وأخذنا نتفقد الشقة وغرفها التى مازالت كما هى وكأن شيئا لم يحدث عدا عمليات النهب والسرقة التى تمت عقب الانتهاء من الحريق مما ترتب عليه حالة من الفوضى البسيطة ولكن اكثر ما لفت نظرنا فى الثلاث غرف بالشقة هو كثرة اعداد المصاحف وكتب تفسير القرآن الكريم بالدولاب وعدد من البراويز التى تحتوى على أيات القرآن الكريم.
والتقينا صاحب الشقة عم محمد عبد العزيز 55 عاما الذى يسكن فى الشقة مع شقيقه منير 52 عاما وأطفال شقيقه الستة،ويقيمون جميعا فيها بعقد ايجار قديم امتد اليهم من والدهم الحاج عبد العزيز،ويقول لنا إن الحريق حدث فى الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل فهربت أنا وأخى وزوجته وأطفاله الصغار من هول النيران فقد كانت تلتهم كل ما تراه أمامها،و لم نستطع حتى أن نأخذ أوراقنا الشخصية أو مصوغات زوجة أخى للنجاة بأرواحنا،وتركنا كل شيء كما هو، ترك الأطفال المصحف مفتوحا فى حجرتهم حيث كانوا يتلون ويحفظون القرآن،والراديو أيضا كان مفتوحا على أذاعة القرآن الكريم،وذهبنا جميعا وأقمنا فى بيت حماة أخي.
وكانت المفاجأة التى تداولها نشطاء الفيس بوك هى نفس المفاجأة التى جعلت أسرة الحاج محمد تسجد شكرا لله، فقد اكتشفوا بعد عودتهم لمنزلهم عقب اخماد الحريق،أن شقتهم سليمة لم يمسسها سوء ويقول :التهمت النيران العقار الذى نسكن فيه بالكامل الا شقتى على الرغم من وجود 5 شقق بكل دور بالعقار وبجوارى عدد من المخازن وجميعهم احترقوا وتحولوا إلى تراب وضاعت أموال الناس وبضائعهم ولم يبق منها سوى الرماد.
يبتسم عم محمد وهو يسترجع ماتم تداوله على «الفيس بوك» ويقول وضحكته تضىء وجهه: الحمد لله..فضل الله كبير ورحمته أكبر..أشعر بالعجز ولا استطيع تفسير ما حدث إلا بشيء واحد وهو قراءة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار،وأعتقد أنها السبب الوحيد فى نجاة شقتنا من الهلاك الذى نال من منطقة الرويعى»،ويشير إلى أنه يداوم مع شقيقه منير على تلاوة القرآن الكريم بصورة يومية،كما يقوم اخوه يوميا بتحفيظ أولاده الست الصغار القرآن الكريم، ويؤكد عم «محمد»ان المصاحف ليست للزينة فى المنازل وتكون لقراءته تأثير فى حماية المنزل،وذلك بدليل أن الغرف الثلاث التى نقرأ فيها القرآن كانت خالية من أى علامات للحريق أو حتى رائحته البغيضة الكاتمة للأنفاس،سألناه: ولكن كل المخازن التى من حولك احترقت برغم وجود نسخ القرآن الكريم فيها ؟..فأجابنا:كانت موجودة للزينة أوللعرض فقط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك