الأربعاء، يناير 19، 2011

حـــــالـــــة مـــــلـــــل

في نفس هذا التوقيت من كل عام - وخلال سنوات الدراسة - كنت في أمس الحاجة إلي الثواني والدقائق قبل الساعات، كنت أعدها عدا، واجمعها واطرحها واضربها ثم أتأمل فيها وأتساءل أهل تكفين؟ اهل تكفين لمراجعة هذه المادة، لدي 2 يوم في 24 ساعة يساوي 48 ساعة ناقص 12 ساعة نوم واكل سيبقي 36 ساعة ولدي 3 مذكرات وبكل مذكرة 5 فصول وكل فصل به ...... حسبة برمة، كنت دائما في صراع مع الوقت الذي كان دائم الانتصار علي قدراتي ولكن بتوفيق الله كنت انا المنتصر دائما، شئ جميل انك تشعر بالوقت، شئ أجمل انك تشعر بقيمة الوقت، أما الأجمل ان الوقت يشعر بك، يتفاعل معك، تتوقف عقارب الساعة لتجعلك تلتقط بعض من أنفاسك، يتعاطف معك ويفعل معك كما تفعل الحكومة مع مرشحيها في الانتخابات، شئ يحتاج وقت كثير ليفهم فإذ بعقارب الساعة تتوقف فتشعر انك فهمته من أول وهلة وانك سريع البديهة مع أن هذا للأسف غير حقيقي.

انهينا أو انتهينا كلا المعنيين صحيح، فتغير الحال وتراكمت سحب الفشل من أرجاء الكون ومن تحت صخور الأقمار، وعبست أنفسنا لعبوس الحياة، وصرنا نزحزح الوقت فلا يتزحزح وتري عقارب الساعة ممسكة في تلابيب اللحظات كأنها عقارب، وليس لدينا الترياق، فلا شئ مفيد نفعله، نبحث في عقولنا ونبحث، لعلنا نجد شئ من ذكريات الماضي يريحنا ويشعرنا بأننا أناس وبشر، لنا كان الطموح كلة، لنا كانت تدق أجراس المدارس والجامعات، لنا كانت النفوس ترنو متغنية بكلمات الحب والغزل، ولكن وبعد انتهاء نوبة المسكن نرجع من جديد، الي حالة الملل، كم اكره تلك الساعة، أرقامها متوقفة، متجمد كالمسامير، لا تتحرك ولا تتحرك.

شئ قبيح ان لا تشعر بالوقت، شئ أقبح أن لا تشعر بقيمة الوقت، أما الأقبح ألا يشعر الوقت بك، فأنت لم تعد مهما ليحاول مصارعتك، لم تعد أهلا لمنازلته، أنت لم تعد شئ يذكر يرغب في تحديه، كالشيطان لا يأبه بالعاصي بعد غوايته، والمدخن وسيجارته المنتهية، فتضطر صاغرا الي حروب وأساليب قذرة لتقتل هذا الوقت، فتبتعد عن ذكريات الرومانسية الي أحضان الفتن وتبتعد عن طلب العلم الي طلب اللاعلم واللاوعي، تستبدل المنبهات بالمغيبات، لا ترجو ولا تأمل في شئ فلا تدعوا الله، تتناسى نفسك واجباتها وفروضها، تتزحزح يوم بعد يوم الي طريق الندامة، تفعل أي شئ بدافع انك تريد الخروج من حالة الملل، تستبيح الحرمات تدنس الأخلاق، فتصبح سماء دنياك ملبدة بدخان غريب الرائحة يدعو إلي القلق.
 
أ. حمدي غالب طايع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك