الثلاثاء، مايو 10، 2011

القز والإسكارس والحلو وبخاته

وخيم الصمت وكان الطير علي رؤوسنا، ثم وقف المدرس ذو الصوت الأجش، واللحية الكثة ونظارته ذات العدسات المقعرة جدا والتي تظهر عيناه مثل حبيتي حب العزيز، قائلا أود أن أرحب بأستاذي الموجه العام لمادة العلوم والذي شرفني بحضوره ولعل الله يجعلني عند حسن ظنه، فتحولت عيناي وبقية التلاميذ زملائي الي هذا الموجه لنري شخص احدب الوجه اخذ الله شعر راسه ووضعه علي وجه لتبدو لحيته أكثر كثافة من لحية أستاذنا ولكنها مصبوغة بالحناء فيتمايل لونها بين الأبيض والأحمر والأسود، ولكنه لا يرتدي ربطة عنق ولا نظارة ولا ساعة يد، وبدا مدرسنا في درس اليوم وهو الحشرات وتحديدا دودة القز والدودة الاخري هي الإسكارس، ولكن لا اذكر السبب الآن لكيفية تحول الحصة في نهايتها الي جدل ديني مابين الفكر الصوفي والاخوانجي، وتطور الجدل لينشب عراك بالكلمات، وخرج التلاميذ وانا وتركنا الأستاذين وعراك أيدي قارب علي البدء.

لم نعر الجدل الديني انتباه في وقتها ولكن كل تركيزنا انصب علي كيفية خلق الله لدودة مفيدة وهي دودة القز التي تتغذي علي أوراق التوت وتنتج الحرير، ودودة ضارة الإسكارس التي تعيش في الأمعاء وتتغذي علي طعام عائلها فتصيبه بالأنيميا والنحافة الحادة، كيف جعل احدهما تنتج أفخم الأنسجة وكيف جعل الاخري تحارب الإنسان وتصيبه بالضرر.

فيا ايها البخاته الذ لم تتحرك بعد لتشارك في تنمية بلدك وقريتك، ياايها الفتي المصاب بإحساس الدونية والدودية وبأنك لاشي وبان عملك لاشي وبان رايك لاشي وان صوتك لن يزيد ون ينقص اتريد اكثر من الدود مثلا ؟ ارجوك تحرك في الاتجاه السليم وعليك ان تختار مابين ان تكن قزا او سكارس، يا صديقي شاركنا العمل والاعمار ولا تتسمر هكذا بلا حراك، استحلفك بالله الا تظل مكب وجهك في الارض وكان الشياطين انتزعت منك رجولتك، ارجوك الا تستسلم الي سلاسل السلبية التي تقيدك، لا تتيبس كالعضو المشلول.

ويا إخواننا الذين توكلنا علي الله ثم عليهم في تسير شؤون القرية ارجوكم تحلوا بالصبر، فحماس الشباب يزيد وينقص ولو استمر الشباب علي حماستنا الاولي لكلمتنا الملائكة جهارا، أرجوكم رفقا بالشباب الذي لم يتعود يوما بان رايه مهم وان كلماته من الممكن تقبلها او سماعها، أتحسبون انه بمجرد ان ننادي سيحشر الناس علي بكرة ابيهم ما بين ليلة وضحاها، الا تتذكرون ما واجهه اولي العزم من الرسل ، طريق الحق هكذا مليئة بالعراقيل وانتم الذين اخترتم، ام حسبتم ان تصلحوا وان تعمروا بدون ان تواجهون بعض من الصعاب، وتذكروا باننا لا ندافع عن الحق ولكنننا نحتمي تحت مظلته من بطش الله، دعونا نستمتع اخيرا بمشهد قريتنا وهي تتزين لعيون شبابها ولا تفسدوا الفرحة كما افسد عراك اللحي حصة العلوم.

حــمــدي غــالـب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك