هنا
الكويت (4): عبد الرزاق
لم يعنيني كثيراً
أمر تلك العائلة الغريبة، حيث فيها الأب والخال لهما نفس الاسم، وودت أن أتأكد أكثر
من الكاراكتر الذي بدأ وجهة يعود إلي آدميته ونوره الملائكي الذي بدأ يشع مع
تأكيده بأن خاله قد وصل صباح اليوم من الكويت، فطلبت منه أن يذهب إلي خاله لإحضار
الأغراض المرسلة إلي، ذهب وغاب، وتململت من الانتظار، وينعشني الأمل، ويجري الخوف
في عروقي، ورؤية الهدايا حلم يشجعني.
وبينما أتململ في
انتظاري إذ جاء شابان في عشرينيات العمر، احدهما اسود الوجه والأخر قمحي اللون
زادته الشمس سمارا، وقرع الأسود الباب بيمينه قرعة دوى صداها داخل جدران البيت
وخارجه، ونادي بصوت عالي يكاد يسمع الأصم، وتطايرت منه الضحكات والقهقهات بدون أسباب
ظاهرة أمامي فهو لم يتبادل حتى ولو كلمة واحدة مع صاحبه أو حتى معي، ثم نظر إلي
وقال " أومال انته قاعد من ميتا هنا؟ هم الجماعة دول نايمين؟ محدش رد عليك؟"
وقبل أن أرد علي
سؤاله وأشكو إليه وجع الانتظار فإذ "بالكاراكتر" قد أتي يثب وثبا وكأنه أرنب
بري صائحا "حاضر ياستي حاشوف مين اللي علي الباب" وعندما وصل إلينا قال
صارخا وكأنه شاويش حربية "مين اللي عمال يخبط قوي كدة وصحي ستي ؟" فرد الشاب
الأسمر بأنه هو الفاعل، وتحمل جرم فعلته بشجاعة، وأردف مبرراً فعلته بأنه متلهف
لرؤية الحاج عبد المقصود، لأنه يحمل إليه أوراق هامة "عدم ممانعة"
تأشيرة الجنة.
ثم اخرج من جيبه
الصغير العلوي علبة سجائر الكيلوباترا، واخرج سيجارتين وأعطي إحداهما إلي صاحبه الذي
شكره بكلمه واحدة، متمنيا سرعة استبدالها بسيجارة ذات فلتر احمر (مارلبورو)، مذكراً
إياه بوعوده بكلمات عديدة، لم يحاول الأول أن يتملص من الوعود بل أكدها بكلمات
وحروف التأكيد جمعاء، وبأنه لن يشرب من كاس النذالة الذي شربه سابقوه، وبأنه سوف
يستمر في تواصله مع أصحابه وخاصة الأعزاء ولن ينساهم بهدايا كلما رزقه الله برزق
وفير، ولن يبخل بمساعدتهم أن طلبوا ذلك ولا بمعاونتهم إن أرادوا اللحاق بركب
الرحيل إلي ديار الفردوس الأرضي.
وظللت أنا
"والكاراكتر" صامتان، نحدق أعيننا بالشابين، وكأننا ننظر إلي طاقة
المستقبل، حيث الآمال والأحلام، وملامح الوجه السعيد الذي منٌ الله عليه بالفضل قد
حفرت في عقولنا، وحديث الشابان في لحظة صفاء قد جذب كل حواسنا، ثم جاءت لحظة من
صمت الأفواه، وتكلمت الأعين بنظرات الترقب والفرح والغبطة والوفاء، وما قطع الصمت
إلا صوت أذان العصر، فانصرف الشابان إلي الصلاة في المسجد بعد إلحاح من الشاب الأسود
علي صديقة لمرافقته، لكي يعتاد علي الصلاة، لأنه مقبل علي سفر و"قاصد وجه
كريم"، تاركا رسالة للحاج عبد المقصود مع الكاراكتر بأن "عبد الرزاق
جاله عشان الممناعة بتاعته وحيجيله تاني بعد شوية".
وما كاد عبد
الرزاق وصديقه ينصرفا حتى باغتتنا يداً نحيفة تضربنا بسباطة نخيل جافة علي
ظهورنا..........
نستكمل انشالله ان
كان في العمر بقية
لمتابعة الأجزاء السابقة:
هنا الكويت: تمهيد
هنا الكويت (1):
مسقط الرأس (1)
هنا الكويت (3):
الحاج عبد المقصود
http://toukhqena.blogspot.com/2013/03/blog-post_31.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك