الأربعاء، مايو 17، 2017

رواية: من طوخ إلى النمسا...أيام لا تنسى (1)


كنت أتمنى فى صباى استخرج بطاقة شخصية حتى أصرف شيكات أبى من البنك ، وغيرى كان يتمناها حتى يدخل أفلام للكبار فقط فى السينما .. وكنت أتمنى استخراج جواز سفر حتى أرى بعيونى أوروبا . وحينما ملكت جواز سفر ، وقفت الدنيا ضدى ، وجائنى خطاب من والدى لا تسافر وحدك الا اذا كانت وجهتك الكويت ومستعد ابعث لك . ورفضت الكويت ، ورفضت اى بلد عربى .. نفسى اشوف اوروبٓا ، 

وراحت منى الإجازة ولم اسافر وكنت اتفرج بندم على جوازسفرى ، بعد ان استخرجوه لى بضمان أثنين موظفين . وفى السنه الثالية كنت سريعا فى استخراج الجواز ، واستطعت إقناع اُمى ، وكنا عده أصدقاء من بينهم صديقى الاستاذ حسن فرجانى ، وصممنا على السفر الى فرنسا ، فنحن اقوياء فى اللغه الفرنسيه ، وذهبت وحدى الى وسط القاهرة استطلاع مكاتب السفريات المنتشره ، مكاتب كثيره متجاورة أمامها لافتات اول دوله امريكا والأمريكتين وكندا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وبلجيكا والسويد أكثر من 15 دوله مختلفه وامام كل دوله سعرها بالجنيه ،

 تعبت قدماى من اللف ، والكتابه ، وجمع معلومات عن السفر وركزت على فرنسا ، كان الوقت صيام ورمضان وتعب ، فاشتريت علبه تورته وركبت السرفيس من شارع فؤاد ، ركبت جوار السائق ، وضعت حقيبه نقودى جلد أمامى على طابلوه السياره وبها فلوس الحجز للسفر ، وجواز السفر ، والبطاقه ، وكارنيه الجامعه ، وقلم وورق وكل ما كتبته عن السفر من المكاتب .وعلبه الحلوى على رجلى ، 

ورحت فى غفوه من الصيام والتعب واللف ، وعندامبابه وآخر الخط ، هرولت بعلبة الحلوى مُسرعا من السياره وماهى الا لحظات حتى ازدادت سرعة أنفاسى ، وضاقت الدنيا أمامى ، نسيت حقيبتى الصغيرة وبها اكثر من 300 جنيه والجواز ، والبطاقة .. ودارت الدنيا بى حتى كدت أقع من هول الصدمة .. واختفى السرفيس ..وسقطت دموعى ساخنة ...


نزلت من السرفيس ناسياً حقيبتى الجلديه الصغيرة ، على تابلوة السياره ، تذكرتها بعد ثوانى من نزولى فى الطريق ، واختفت السيارة عن الأنظار .. دمعت عيونى ساخنة .. وماهى الا دقائق ويحين موعد افطار المغرب ، والنَّاس تجرى فى اتجاهات مختلفة كُلّ قاصداً موعد الافطار .. رجعت الى البيت حزيناً ماذا أقول لامى لو سالتنى عن الشنطه ، والشيك الذى صرفته من البنك الأهلى .. دماغى لا اتحملها ، والضيق شديد ، والحزن عميق .. 

وصلت البيت متجهماً ، طرقت الباب فتحت اُمى ألقيت السلام ، وهى تقول لى إتأخرت ليه ياولدى ، طوال الوقت وانا اتطلع من البلكونة اترقب وصولك ، أسرعت الى الحمام ، والماء ، توضأت وانى ابكى ، وصليت المغرب ، وركعتين لله أن ينقذنى من هذه المصيبه التى حلت بى ، كنت ابكى ولا اعرف كيف اكملت صلاتى الا أننى دعوة الله أن ينقذنى . انتهيت من صلاتى الى طبق البلح ، وشربت كوب من عصير القمر الدين ، وهرولت الى خارج الشقة ، والبيت السلام عليكم سأعود مره اخرى ، لم أعطى اُمى أسباب لخروجى ، 

Image may contain: 2 people, indoor

وقررت أن اعثر على السرفيس من نفس المكان الذى نزلت منه ماشياً على الأقدام فى منتصف الطريق وعيناى على السيارات فى الاتجاهين .حتى ميدان العتبه عبر الزمالك، وشارع فؤاد ، مشوار طويل وانا اتصبب من العرق ، والهلع ، والخوف ، عيونى على السرفيسات وألوانها وكلى امل انا أُعثر على السرفيس الذى نسيت فيه حقيبتى ، ألهث وأبكى والدموع والعرق ولم أفطر كما يجب ، على لحم بطنى الا من البلح والعصير ، 

وصلت العتبه واعدت الطريق ايابا ماشى على أقدامى ونظرات عيونى تدور معى فى الطريق على السرفيس حتى شعرت بالدوخه ، ما العمل قطعت الطريق كما يفترض خط السرفيس من إمبابة الى العتبه والعكس دون جدوى ، ورجعت الى البيت فى غايه الْحُزْن ، طرقت الباب وإذا بأامى رحمها الله تحضُنى بفرح وهى تقول لى عرفنا كل شيء ... يا حبيبى يا ولدى وهى تمسح دموعى


طرقت الباب وكلى يأس بعد فقد حقيبتى ، وضياع الأمل فى العثور عليها الا من دعاء امتزجت فيه الدموع بالرعشة والخوف ، يارب أنقذنى من هذه الورطه .. فتحت اُمى الباب وهى تحضُنى عرفنا سبب قلقلك ، والمال حلال لا يضيع تعال الناس فى انتظارك 

انقلبت الدموع من الْحُزْن العميق الى الفرح السعيد . مضطرب النفس وأخذتهم بالاحضان ودموع الفرح .. هاهو الصبى الصغير الذى كان يجمع ( الأُجرة ) داخل السرفيس ، وهذا هو السائق ، وهذا خال الصبى صاحب السياره .. عرفوا العنوان من البطاقة الشخصية وصورتى صح فى الجواز وكل شيء يدل على وحدانية الشخص . قال لى الصبى أُمى صممت ترسل خالى معى وابى متوفى والسيارة جديدة ونحن لا نقبل مال حرام .ياااااااااااااا كلمات من ذهب لا اجد شيء يرد الجميل الا ثلث المبلغ مع الشكر العميق ، ورفضوا رفضاً باتا ولا حتى 10% .. قالوا لنا لا نقبل مليم واحد ، قلت لهم هذة علبه الحلوى هى السبب فى نسيان الحقيبة الصغيرة فاقبلوها هدية منى وقبلوها سعداء .. 

هذا الموقف الذى انتهى بمفاجأة مُفرحة . عادت الحقيبة والمال وجواز السفر .. الأن صممت على السفر ، وفى صباح اليوم التالى كُنَّا أربعة زملاء منهم صديقى حسن فرجانى ، والشيخ احمد نطرق مكاتب السفر وعزمنا على السفر الى فرنسا ، قدمنا الجوازات والفلوس ، وبعد دقائق قال لنا فوج باريس اكتمل ولا فرصه اليوم ، طب ايه البلد الممكن النهاردة .. النمسا ولفوا ساعتين وتعالوا بعد الظهر تستلموا الجوازات بتذاكر السفر بفيزة النمسا السياحية على كل باسبور . أصحابى سمعوا النمسا قالوا لا لن نسافر الى النمسا ، وسحبوا جوازاتهم الا ان

سيد الحدقي
النمسا

حقوق الملكية الفكرية للكاتب ولموقع طوخ المعمورة 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك