الثلاثاء، مايو 23، 2017

رواية: من طوخ إلى النمسا...أيام لا تنسى (2)


شاءت الأقدار أن يكون سفرى الى النمسا ، بعدما خاب الأمل فى السفر الى فرنسا . دفعت 1855 جنيه مصرى ثمن للتذكرة ذهاب وإياب عن طريق روما بالتأشيرة لمدة شهر على خطوط Alitalia . وكان السفر يوم 30 / 8/ 1980 . 


وكان انتهاء التأشيرة يوم 20 سبتمبر يعنى التأشيرة فقط 20 يوما .. وأخدت تريقة ماذا ستفعل فى 200 يوما فى بلدغريب . لا لغة تعرفها ، ولا احد تعرفه ، ولا جو تعودت عليه ، ولم تعرفها من قبل، حرام عليك تضييع فلوس . 

Image may contain: 1 person


بسرعة اشتريت القاموس الوحيد فى الألمانيه ، وكتاب كيف تتعلم الألمانيه ، وذهبت الى البنك بالتذكرة حولت دولارات على الجواز ، وكان سعر الدولار 733 قرشاً ، وليلة السفر كان فرح كبير ، لم ننام حتى الصباح ، وعند منتصف الليل وامى تعيد ترتيب حقيبة السفر أمامى ، هذة ملابسك شتويه ، وصيفية ، وملابس داخليه ، جوارب صيفى ، وشتوى ، وقميصان من قماش البراشوت لا يدخلن الهواء ، وطاقيه ، وبناطيل صوف ، وأخذت تبكى حتى ابتلت حقيبتى بما ترتبه فيها ، وهذة علب قها للمربى ، وهذة علب سردين ، وهذا برشام اسكين للصداع ، وهذا للإسهال ، وهذا للإمساك ، وهذا للدوخان ، وهذا للسخونيه ، وأخذت تبكى اياك والسجائر ، إو الخمر ، انتبه لنفسك ، راعى لنفسك ، انت رايح بلد غريب . 


وفجاه دق الباب زميلى فى الجامعه سيد غنيم معاه موفق ، ومعهم سيده .. ابسط ياعم لقينا لك واحد فى ڤيينا زميلنا اشرف وهذة والدته ترسل معك علبه كعك وبسكويت عيد رمضان ، وعلى العلبة ، العنوان .. عنوان أشرف فى ڤيينا ..وضحكت اُمى الحمد لله ربنا أرسل لك من يقف معاك .. وللحديث بقيه 


حان موعد سفرى ، السبت 30 / 8 / 1980 لأول مرة بالطائرة خارج مصر ، طوال الطريق الى مطار القاهرة ، غالبنى النوم من السهر طوال الليل ، وهم ينصحونى ، نصائح تتكرر ، كلها خوف من المجهول ، وأمل الا يصيبنى مكروه، ابتعد عن أُمى لاول مره ، وقد أمطرتنى بالدعاء ، والدعوات ، بالنصيحة ، والامل ، والرجاء ، ودموع غزيرة تتدفق ، على الوجنتين من الجانبين .

No automatic alt text available.

جوازى ، وكارنيه جامعى مترجم ، ورخصة قياده دوليه مترجمة ، ودولاراتى داخل حافظه جلديه مستطليه تتدلى من رقبتى تحت ملابسى . ودعونى ، وأنهيت إجراءات السفر ورفعت يدى عاليه بالتحية ، تحيه الوداع .. ودلفت داخل الطائرة الايطاليه ستتحرك فى تمام الثامنة صباحاً الى روما ثلاث ساعات.. اخترت مكان جنب الشباك ، وما أن تحركت عجلاتها على الأرض حتى بكيت متذكرًا نصائح أُمى . وما شقت الطائرة السماء حتى رحت فى نوم عميق .. هبطنا مطار روما سنظل ترانزيت 7 ساعات كامله ، فى المطار وتنقلنا نحو السابعة مساء طائرة نمساويه الى ڤيينا .. قالوا لنا فى المطار من يريد جوله داخل روما عليه دفع 10 


دولارات لان مدة الترانزيت طويله ، لكنى رفضت هذا العرض ، فقد هالنى مطار روما وڤاترينات المعروضات من الأزياء ومبالغ خياليه بعشرات الآلاف من الليرات ، وحمامات تلمع ، وماء ساخن ، ومرايا ، وصوت نسائى قوى يتحدث بالايطالية وكأنها تغنى .. استيقظت جيداً ، وانتبهت ، وحقيبة يدى اخرجت منها كُتب الالمانية ورحت اذاكر وكانى تلميذ مُقبل على امتحان ، فكيف أزور روما وأضيع الفرصة الثمينة فى حفظ شويه المانى .. واقبل نحوى احد الاخوة الذين كانوا معنا فى الطائرة .. قال لى جالس وحدك ليه ؟ تعالى انضم معنا ورتب أمورك معنا حتى نتغلب على الصعاب معاً ، ونعيش معاً ، منا من يجيد الطبخ ، ومنا من يجيد التوفير ، ومنا من لهم ناس فى ڤيينا وقد ينصحونا ، أو يدلونا على الطريق . وكان ردى السريع بصراحة معى أمانه ( علبة حلوى ) من الست ام أشرف لأشرف الذى يعيش فى ڤيينا ، وطبعا أكيد هنام عنده على الأقل الليلة ، ومنه اتخذ طريقى فى ڤيينا . انا لا اعرف أشرف ، ولا أعرف كيف يعيش اشرف ، ولا اى معلومة عن أشرف الا ذاك العنوان المكتوبة على علبه صفيح فيها كعك وبسكويت لأشرف .. 

اذا انا ركزت على أشرف على الأقل انام سواد الليل وبناء على نصيحته ، والرد على تساؤلاتي واستفساراتى احدد معالم 
خطواتى فى ڤيينا .. وفجأة سمعت كركبه وتحركات سريعة هيا الى الطائرة النمساوية ، طائرة صغيرة الحجم اعتقد DC9 ، ودخلت الطائرة فى منتهى السعادة ، واقتربت منى المضيفة تقول لى اربط الحزام .. فقلت لها بالانجليزية لى طلب لو سمحتى .. نمت فى الطائرة الايطاليه من القاهرة الى روما ، وراح الاكل منى ، وانا جوعان للغاية .. وما ان صعدت الطائرة فى الجو حتى وجدتها مُقبلة نحوى .. هذا الاكل مخصص لكابتن الطائرة ، وكانت صينية محترمة ، شوكة ، وملعقة ، وسكين تلمع أعقبها بقهوة ، وعرفت منها هذا استثناء لى لان الوجبات المقررة لهذة الرحلات القصيرة فنجان قهوة أو شاى مع قطعه من التورته .. وأخفيت الباقى من طعام فى الصينية فى كيس من الورق لوقت لاحق قد اجوع فيه فى فيينا . 

استغرقت رحلة الطائرة من روما الى ڤيينا حوالى ساعة ونصف تماماً .. وهبطنا الى مطار ڤيينا .. غايه فى النظافة ، والهدوء ، واللمعان ، والجمال ، ركزت كيف اصل الى أشرف صاحب كعك وبسكويت العيد ولاشيء فى بالى إلا الوصول الى أشرف الذى لا أعرفه

الأستاذ / سيد الحدقي
النمسا

حقوق الملكية الفكرية  محفوظة للكاتب ولموقع طوخ المعمورة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك