الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبى بعده.
( همسه رمضانيه أخيرة )
أيها الاحبة :
إن المتأمل لسنة الله عزوجل فى خلقه يرى سرعة انقضاء الأيام والشهور والسنين ، أيام تمر واعوام تكر، وما الحياة الدنيا إلا أنفاس معدودة ، واجال محدودة ، وفى ذلك عبر لمن دقق النظر وأحكم الفكر.
ها هو رمضان يرحل عنا ، ما احرانا أن نقف وقفة مع أنفسنا نراجع فيها صحيفة هذا الشهر ، فإن هذا الشهر المبارك كان حافلا بشتى ألوان المطالب الروحية التى تعايشة مع المطالب المادية ، فى توسط واعتدال .
فهل بعد رمضان تختل هذه المسيرة ؟
إن معانى رمضان يجب أن تصاحب المسلم وتلازمه على مدار العام كله ، فتتحقق الإستفادة من رمضان.
لقد عاش المسلمون فى شهر رمضان مع كتاب الله يحفظونه ويتدارسونه بينهم ، فهل يتخلى المسلمون بعد رمضان عن كتاب الله وهو أساس دينهم ، ومصدر تشريعهم، ونبع هدايتهم ونورهم.
وإذا كان رمضان قد سوى بين الجميع فى التقشف والحرمان ، فهل بعد رمضان تتلاشى معانى الحب والرحمة والشفقة .
ما أحرى الأمة بعد رمضان أن تعيش بمعانى رمضان، بعواطفها الإنسانية، لاحقد ولاحسد ولاضغينة، بل صفاء ، وود ، وئام .
لا بخل ، ولاشح، ولاحرمان، بل تعاطف ، وتراحم، وايثار .
الغنى يعطى الفقير ، والقوى يأخذ بيد الضعيف ، منفذين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ، ستره الله فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد ماكان العبد فى عون أخيه ).
وإذا كان رمضان قد طبع النفوس على رقابة الضمير ، على رقابة المولى عزوجل، فما إستطاع أحد الصائمين ، أن يأكل أو يشرب بعيدا عن أعين الناس ، لأن رقابة الضمير والخشية من الله عزوجل تقف له بالمرصاد .
فما أحرى المسلمين أن يعيشوا بعد رمضان بشعور المراقبة والخشية التى تربوا عليها ، وحينئذ لايسرق سارق ، ولايخون خائن، ولايرتش مرتشي .
ما أحوج مجتمعنا إلى أصحاب الضمائر، الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون.
ما أحوجنا إلى أن نتيقن من رقابة الله علينا ، وعلمه بكل صغيرة وكبيرة منا ، سرا كانت أم علانية .
وإذا كان رمضان يصنع من المسلم إنسانا نبيلا، عف اللسان ، ليس عيابا ، ولا شتاما، ولا مغتابا ، ولا فاحشا.
ما احرانا أن نعيش بعد رمضان بأخلاق رمضان وقائدنا قول المولى عزوجل :
( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ).
الواجب على كل مسلم أن يداوم على الطاعات فى كل وقت وحين ، وأن يستمر على ما تعوده من الأعمال الصالحة ، ويحذر من المخالفات والمعاصى، وينتهى عما حرم الله عليه .
قال الحسن البصرى رحمه الله :
إن من جزاء الحسنة الحسنة بعدها ، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها ، فإذا قبل الله العبد فإنه يوفقه إلى الطاعة ، ويصرفه عن المعصية .
وفى صحيح الإمام مسلم يقول النبى صلى الله عليه وسلم : ( أحب العمل إلى الله ماداوم عليه صاحبه وإن قل ).
فليحرص كل مسلم عاقل على حسن الخاتمة لكل أعماله الدنيوية والاخروية،
الدنيوية لعمارة الكون ، والاخروية لتحقيق السعادة الأبدية وهى الفوز بجنة تجرى من تحتها الأنهار فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر أعدها الله عزوجل لتكون دار الكرامة لمن حسنت خاتمتهم واجهدوا أنفسهم من أجل الوصول إلى محبة الحق جل جلاله.
( تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال )
وكل ثانية وكل دقيقه وكل ساعه وكل يوم وكل اسبوع وكل شهر وكل عام والأمة الإسلامية بخير. ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك