الجمعة، سبتمبر 04، 2015

حمدي غالب يكتب: قهوة غزالي

قهوة غزالي

لعل "قهوة غزالى" هى أول قهوة على الطراز الحديث تم افتتاحها في طوخ ونجوعها وضواحيها وجيرانها، كان رواد القهوة ينسلون إليها من كل حدب وصوب،

من أطراف الخطارة إلى نهاية الزوايدة مرورا بكوم الضبع والشيخ على وساقية عبد الوهاب ونجع الحاج سليم وطوخ البلد والزعارير والكريمات ونجع السبيل والغنامة وكومبلال والدرهمات والهدايات والقرنات. كنا ننتظر بالساعات وقوفا في انتظار "كرسي وطربيزة".


وعلى الرغم انه لم يكن المالك الوحيد لها إلا إننى كنت احب دوما أن أطلق عليها "قهوة غزالى"، لربما من باب الفخر بأحد شباب جيلي الذي لم ينتظر تعيين ولا عدم ممانعة وقرر أن يبدأ حياته العملية بخطوات جادة وسريعة.

 أو لربما إعجابي بشخصية غزالى الرزينة، وقدرته على قيادة فريق العمل وتقديم خدمة على مستوي عال لزبائن باعداد كبيرة، كان غزالى قليل الابتسام ووجهه جاد دوما فكان يجبر الجميع على احترامه هو شخصيا واحترام المقهي.


عند افتتاح المقهي كنت مازلت في سنوات الدراسة الجامعية، فكلما نزلت اجازة توجهت مباشرة إلى هناك حيث اجد الصحبة في انتظاري، وبعد التخرج من الجامعة زادت فترات جلوسي على المقهي، وبعد تادية الخدمة العسكرية كنت احد سكان المقهي لا ابرحها الا للنوم فقط في بيت أبى.


كانت المقهي فى ذلك الوقت هي الفيسبوك الخاص بالعالم الحقيقي، فقد كانت نقطة تجمع البلدة الوحيدة، كان الناس يتقابلون هناك وجها لوجه، من يشكي همه ومن يسمع طربه ومن يشرب طلبه ومن يرمي نرده ومن يلعب الدومنو ومن يستمتع فقط بالجلووس وسط الاهل والعشيرة والاحباب.


وعلى الرغم بأنني كنت زبون على "كد حاله"، إلا أنني كنت أجد معاملة خاصة فمكان "شلتنا" كان يحجز لنا دوما بملحقاته "الطاولة والدومنو والشيشة والمشاريب".



ابعدتني سنوات الغربة عن قريتي، وبالتالى عن قهوة غزالى، وايام اجازتي القصيرة اتنقل فيها بين مختلف المقاهي في البلد وجميعها ذات الجودة العالية والادارة المحترمة،


ولكننى على الرغم من جلوسي على افخم المقاهى في الكويت ومطاعمها وحضرت كثير من حفلات الاستقبال الرسمية في الفنادق الخمس نجوم، إلا إنني اجد في نفسي دوما حنين للجلوس على "قهوة غزالى" وان أكل من سندوتشات الجبنه – رحم الله بائعها- المكان الذى شهد احلى فترات شبابي، حيث كانت تصطف في المقهي طاولة ابناء كوم الضبع بجانب طاولة ابناء كوبلال وابناء ساقية عبد الوهاب والشيخ علي والسبيل والدرهمات والزعارير وساقية الكريمات والقرنات والزوايدة، وكان الجميع هناك يتبادلون الاحترام وجها لوجه، ولعل ذلك كان بسبب وجه غزالى الجاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك