حمدي غالب يكتب: ربطة
جزر
في بدايات تعلمي الصوم
كنت حينها في الصف الرابع أو الخامس الابتدائي، في البداية كنت أصوم تدريجياً يوم حتى
الضحى وآخر حتى الظهر حتى وصلت لمرحلة صيام اليوم كاملاً، وعلى الرغم من أن رمضان
وقتها كان في شهر أبريل الا ان الجو لم يكن ربيعيا طول الوقت، فبعض الأيام كان الجو
لطيفاً وبعضها كان الحر فيها شديد.
قليلون هم
الصائمون من زملاء الفصل، فكنت أبدو وقتها كالغراب الأبيض، يأكلون هم وأنا أنظر، ويشربون
هم وانا اتمضمض، ولكن لم أضعف قط، وقاومت كافة اغراءات قطع الحلوى و"كسرة
الخبز المحشية جبنة قديمة ودقة سمسم".
ولكن في أحد الأيام
حدث شيء غريب، خرجنا من الفسحة، وتوجهت مع أحد الزملاء اشترينا سندوتشات وأكلت! ثم
عرجنا على بائع الجزر واشتريت ربطة جزر واكلتها كلها بجزورها البرتقالية واوراقها
الخضراء! ثم توجت إلى الزيار المياه فشربت حتي "طقللت"! وهممت أن أكل
بعض من "حب العزيز" إلا ان أحد الزملاء صاح بي وقتها...."انت مش
صايم ياد"
يا وليتي نعم إنني
صائم ولكني نسيت، وظللت ادور وادور ماذا افعل، كيف اكفر عن ذنب اقترفته ناسيا، كيف
اصلح صيام يوم افطرت فيه غافلا، ونصحني زميلي بان أتوجه الي احد المدرسين واقص له
الحكاية.
ذهبت على استحياء
الى غرفة المدرسين الافاضل، ووقفت بين أيديهم حتي انتهوا من حديث دائر فيما بينهم،
وبعد الاستئذان طلبت منهم المشورة، وقلت لهم "انا صايم بس نسيت وكلت"، فسألوني
ماذا اكلت فقلت لهم "سندوتشين وربطة جزر كاملة وشربت مية كتير وحبتين تلات حب
العزيز" فقال احدهم لا بأس، ولكن قال الثاني "بدال هو اكل ده كله يبقي
جعان قوي روح يا حبيبي كمل فطارك وصيم في يوم ثاني"
في الحقيقة حزنت
قليلا أنى فطرت هذا اليوم، ولكن مازالت حلاوة ربطة الجزر وذكريات الطفولة البريئة
هي التي تصبرني كلما اشتدت على وطأة صيام يوم حار طويل في بلاد الغربة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك