السبت، ديسمبر 25، 2010

مشاهير في قلبي

مشاعر جياشة انتابتني اليوم أثناء خطبة الجمعة ...فجأة شرد ذهني وخيل لي أنني بمسجد طوخ العتيق ..وأن الواقف امامي علي المنبر  هو خالي الحاج خليل رحمه الله 

سافرت مسرعا الي عام 1985  ...الزوم الخاص بي تحرك ببطء متجها نحو أحد الفصول بمدرسة طوخ الابتدائية..هاهو معلمي الفاضل أ/جميل حامد غزالي يقف امام تلاميذه مرحبا بهم يبذل قصاري جهده ليهدئ من روعهم .. لم يهدئ من روعي سوي رؤية خالي الحاج /خليل رحمه الله فقد كان ناظرا للمدرسة ...
 ذات يوم دخل ابن عمي  أ/ حجاج زكي  في شجار مع زميل - لا أتذكر من هو - وتطبيقا لمثل (............وأنا وابن عمي علي الغريب) تضامنت مع ابن عمي  ولأن حضرة ناظر المدرسة  الحاج خليل  شقيق والدتي ...تقدمت الي مكان تجمع المدرسين قاصدا السيد ناظر المدرسة ..ناديته (يا خالي ) ..قدمت الشكوي وانا افكر في الزميل المسكين الذي تجرأ علي ابن عم ابن اخت ناظر المدرسة ..اعتدل الخال في جلسته وأخذني في حضنه وهمس في أذني ( أنا خالك بره المدرسة ...يلا اتصالحوا مع بعض وكملوا لعب في حوش المدرسة).....
وبعد مرور 3 شهور تقريبا تم افتتاح مدرسة نجع السبيل الابتدائية وطبقا للتوزيع الجغرافي للبلده توجب تحويلي الي مدرسة نجع السبيل ....لم يتدخل رحمه الله ولم يحاول الابقاء علي ابناء اخته تحت عينه ..جري التوزيع بين المدرستين من دون أي استثناءات....
وعندما حصلت علي الشهادة الابتدائية  أصر رحمه الله علي الحاقي بالأزهر الشريف ...كنت رافضا للفكرة  ورغم سني الصغير تحاور معي الخال الحنون وبعد جهد وافقت ...بعد الموافقه طلب مني الذهاب اليه عصرا   علي أن اصطحب معي مصحفا ...وترك لي حرية اختيار المكان اما في بيته وإما في مسجد طوخ العتيق ...ولكني فضلت أن يكون اللقاء في بيته ...
 تقابلنا بعد صلاة العصر طفل لم يتم الحادية عشر وشيخ جليل تجاوز ال 60 عاما ..كان مفعما بالنشاط والحيوية ...قال لي (افتح المصحف علي سورة التوبة ..مقرر اولي اعدادي في الأزهر حفظ سورة التوبة والأنفال ..وإن شاء الله قبل بداية العام الدراسي تكون حفظتهم ) ...
 فتحت المصحف معه ورغم تجاوزه ال 60 لم يكن يستخدم نظارة طبية للقراءة ..بينما كنت أنا ابحث عن الحروف والسكنات والفتحات ...صحح لي ربعا كاملا (تقريبا 20 آيه ) وطلب مني أن أعود اليه في نفس الوقت من اليوم التالي لكي اسًمع له ما حفظت علي أن اصحح ربعا جديدا ..ولشدة حبي له حفظت الربع كاملا وكنت جاهزا للتسميع ولم أعد أطيق الانتظار حتي يحين موعد نا بعد صلاة العصر ..فذهبت له في التاسعه صباحا ..دخلت عليه فوجدته يجلس مضطجعا علي جنبه يذكر الله وبجواره راديو مضبوط علي (إذاعة لندن ) يتابع أخبار العالم من حولنا ...سلمت عليه وقلت له أنا جاهز ياخال للتسميع ..قرأت عليه ماحفظت  وصححت ربعا جديدا وأصبح الموعد صباحا وعصرا ..وقبل انصرافي حضر اثنين من الضيوف ..طلب خالي أن أقرأ عليهما ما حفظت ...فقرأت عليهما ماحفظت وانصرفت ونظرات الاعجاب من الخال وضيوفه تلاحقني ...
وعلي مدي 7 سنوات استمر اللقاء عشت مع الخال أجمل لحظات حياتي ..تدارسنا سويا الفقه والنحو والصرف كما كان طبيبا لي ...وذات يوم لاحظ الخال احمرارا في عيني فأعطاني قطرة (بيروزلين زنك ) وقال لي ( اقطر منها 3 مرات في اليوم ..وعنيك حتبقي زي الحلاوة بس أوعي تاكلهم ) ..
ذات يوم حضرت له حوار مع المعلم الفاضل أ/رمضان رشدي رحمه الله ودار الحوار حول البركة في الرزق (يا رمضان في مدرسين بيشتكوا من قلة البركة في المرتب .ميعرفوش ان قلة البركة بسبب تأخرهم عن الذهاب لحصصهم في موعدها).
وذات مرة جمعتنا جلسة بالوالد الحنون أ/نجيب جاد رحمه الله والذي أطلق عليً لقب (أحمد النظيف).الحاج نجيب رحمه الله اشتهر بعبارة (أعرب )..تقول له السلام عليكم فيرد (وعليكم السلام أعرب)..دخل علينا الحاج نجيب ذات مرة فقلت له (ماذا تشرب ؟) فرد قائلا (any thing)..فرددت في الحال (أعرب)....
.وبعد أن حصلت علي الشهادة الثانوية الأزهرية..مرض الخال ولم أفكر للحظة أنه مرض الموت ...كانت المرة الأولي منذ بدأت صداقتنا التي يمرض فيها بهذه الطريقة ...وقبل وفاته بأيام دخلت عليه وكان شبه فاقد للوعي ..كان الجو حارا جدا فأمسكت بهواية الخال اليدوية وأخذت أطوحها يمينا ويسارا  محركا الهواء صوب وجه الخال الذي شعر بي وبنسمة الهواء التي ضربت وجهه ففتح عينه وتبسم في وجهي ابتسامة خفيفة ..ثم تدفقت من عينه دمعه راح بعدها في غيبوبته ..
وعندما دخلت  كلية العلوم بأسيوط شعبة الرياضيات ولأنها تتبع جامعة الأزهر الشريف ..فقد كان مطلوبا مني حفظ 5 أجزاء في كل سنه ...عاودت المراجعة في الاجازة الصيفية كما علمني خالي ..في هذه الآيه توقفنا لتصحيح طريقة النطق ..وفي هذه الآية توقفنا لشرح حكم ما ..وفي هذه الآيه توقفنا لطرفة طرأت علي بال الخال ....كان حنونا عطوفا ...في اعتقادي أنني نلت من حنانه وعطفه مالم ينل غيري
 وعندما تقدمت لاختبار القرآن الكريم في السنة الأولي من الجامعة ..ودخلت علي اللجنه المكونه من كبار علماء الجامعة ...وبدأت الأسئلة ..(أكمل من قوله تعالي ......) وتوالت الأسئلة ...إلي أن سألني أحدهم ( انت حفظت علي يد شيخ ) قلت :(نعم ) .......فقال لي (بارك الله فيمن علمك إن كان من الأحياء ورحمه إن كان من الأموات ..اذهب يابني ..سيكون لك شأن عظيم مع القرآن الكريم) -ربني يهديني -   عندها خرجت وانفردت بنفسي وبكيت ...
احمد فوزي سعيد   الكويت

هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف26 ديسمبر, 2010

    رحم الله الحاج خليل رحمة واسعة وجزاه عنا خيرا

    ردحذف
  2. غير معرف26 ديسمبر, 2010

    رحم الله الحاج خليل رحمة واسعة وجزاه عنا خيرا

    ردحذف

شارك برأيك