عبوس ذلك الطريق لم يسكن قلقي حتى جاء عقد الثراء للقدوم لبلد النفط والدينار لعاشق هجر البلاد واهلها ومضى وراء المال والأمجاد وصلنا اخيرا طلب منى ان احمل متاعي لأدلف لمواطن الرائحة العطنة النهارات والليالي ثغاء وقلق يحاصرني صداه تتوالى السنين بأسقف مخنوقه وانا وحيدا كتمت المى بداخلي وان كانت ستفضحه عيوني ،قبل قليل كنت فى حالة مستقرة وها هي لحظات الإشتياق تتحرك بداخلي من الحين والأخر .....
حذقت فى المرآة جيدا هذا الصباح على غير عادتي وانا اتطلع فى المرآة اجتاحتني الف ذكرى،نظرت الى عيني يزداد التجعد حولهما حين اعبس وحين اضحك وحين اشرق النظر الى لحيتي رأيت الشعرات البيض التي تتكاثر يوما بعد يوم لم أبد اي انزعاج ..
هل كبرت حقا الى الحد الذى اظهرتني به تلك المرآة........سنوات عدة ابعدتني عن قريتي وعن مراهقة كانت زاخرة بالأحلام،بعد حين فوجئت بالغربة تقتلعني من ذلك المكان الجميل وتبعدني من تلك الوجوه التي احببت وتنتزعني من فراشي ومن حضن والدي الطيب....فكرت فى ذلك وانا اتحسس اول تجاعيد تحت عيوني .....................
حقا يشيخ المرء حين يلتفت حوله ولم يجد احد ،استلقيت على سريري واستغرقت فى افكاري رحلت وقد امضيت جواد الخيال للبعيد البعيد جدا...تذكرت ايام الصغر تذكرت قريتي الوادعة، تذكرت جدتي الحانية، تذكرت امي وتلك التوصيات التي اوصتني بها لحظة وداعى ،تذكرت تلك الفتاه التي احببتها من اعماق قلبي ولم يشاء القدر ان نكون سويا، تذكرت العصاري التي كانت تجمعني واصدقائي فى النادي ،تذكرت تلك السهرات مع الأصدقاء التي فرقت كل منا ظروف الحياة ،تذكرت ذلك اليوم ومرارته الذى عدت فية الى قريتي بعد غياب طويل حاملا جثمان ابو حسام الذى كان قدرة ان يرحل صغيرا وكان قدري ان اصدم مبكرا رحمك الله يا ابو حسام ،وبصعوبة بالغه اجتزت تلك الأزمة وخرجت بأقل خسائر اكتئاب حاد وعادت الأفكار إياها تسيطر على وبكل قسوة وبعد ذلك عدت لوحدتي ان كنت قد فارقتها اساسا فكنت اهرب من البكاء للبكاء.......احمل بعض احلأمى وامضى فى الزحام ارى هنا مزاحمة الناس على بعضها صديقي فى بلدي عدوى هنا الكل يتسارع من اجل الحصول على الدينار وليس معنى كلامي انني اذكى نفسي .مازلت قابعا فى لون الوحشة المدمى اكلا لقيمات متربة وحدي ،حتى جاء ذلك الرفيق ليؤنس وحدتي فى مساء مدلهم لوجه صامت فى هيئة اهل قريتي لاعبني شبهه جعلني اتفيأ شجرة الذاكرة بأوراقها الكثيفة باحثا عن صورته شممت رائحة طين قريتي فية ،همسات عصافير الصباح،لذة ماء قريتى،مواسم قريتي الطيبة.....تبادلنا التحية وهذا اول لقاء بيننا جذبني بوجهه البشوش .....فبدأ هو الحديث....قال استمع لي وانا لك من الناصحين ..بدأت اسمعة بتنا رفاق حديث ،قال لي يوما حين غادرت قريتي حانت منى التفاتة واحدة لمنزلي البعيد واقسمت ان ابدد يابس ايام اهلي سريعا هززت رأسي مواسياً ولم ابلغه انني فعلت الشئ ذاته،.....قال يا اخى انا وابناء بلدي هنا نقابل بعضنا كأغراب .اجسادنا كانت تعانق بعضها كوداع احباب بلا ميعاد.......ولم ارى تلك القصة الذى كان والدي يحكيها لي وانا طفل عن الصداقة فهنا ادركت ان للصداقة حدود ابعد بكثير من مجرد كلمات تقال، توالت احاديثنا نمضغ اشجاننا فيها لم اخطئ السمع ولكنى لم اصدقه رفض قلبي ان يفعل فى حين ان عقلي قد فعل ربما كان له العذر فهو فى نهايته عقل يقنع بالماديات وليس كصاحبه المخلوق من مشاعر واحاسيس........ولأن صديقي معى فى نفس العمل توالت احاديثنا حتى جاء ذلك المساء ارتبكت همست له المدير هنا اسكنني الطمأنينة بهدوء ابتسامته واخذ يعمل بجواري بات المدير يلاحظه كثيرا ويترقبني خلسة مطر احاديثنا اضحى يتسرب ولمحت صاحب العمل يصرخ فى الخارج قررت الصمت والعمل وبت اخشى ان يزاحمني فى عملي عزمت ان اصرفة حزمت امري وابلغته بالخبر رفض حججي وامسك بيدي وجعلني اتأمله وقال لي ما اريد تعليمه لك فى غربتك وما اقساه من تعليم ان تعرف من انت.......................وخرجنا انا وهو واخذني بعيدا عن الناس.................................................وسرنا معا انا وهو (وجهي القديم)......................
...........................................................
هذه الكلمات لمغترب ترون فيها تقلب النفس ما بين فرح وحزن....غربة وشوق....
(كل هذا لا يساوى دمعة من عين امي لفراقي)
بقلم/ محمود عبد الحميد مرسى
(الكويت)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك