احد القراء لا تعجبه كتاباتي ويصفها بأنها "كلام بارد", وانني اتقبل وجهة نظره وانتقاده بصدر رحب واقدم اليه نصيحة بأني يرتدي "معطف" ليحميه من برودة كلاماتي أو ان لا يقرأها بالمرة.
هنا الكويت (7): قلب موجوع (1)
لم يتوقف رنين جهازي النقال إلا بعد إرغامي علي الاستيقاظ
مبكرا علي غير العادة، كانت الساعة العاشرة من صباح أحد أيام أكتوبر حيث تخفت حرارة
الصيف تحت وطأة حبو الشتاء، وكان المتصل احد الأصدقاء "علي" والذي كان علي
حد وصفه يحتاج لمساعدة عاجلة، انتفضت علي الفور لنجدته.
وجدته جالسا حيث الحجر الشهير علي قارعة الجسر، وكانت شهرة "حجر بيت حمادي" تضاهي شهرة الحجر الأسعد، وكان يجلس بجانبه صديقنا خالد، وعندما راني "علي " حتي قال مازحاً
علي : معلش يا مايسترو علي الإزعاج، انا عارف أنت لسة جاي امبارح من سوهاج
خالد: صباح الخير يا استاذ، حمدالله علي سلامتك، وايه احوال الجامعة.
انا: خير في حاجة يا "علي"؟
خالد ممازحا: متقلقش
علي: استوقف احدي سيارات الأجرة (تايووتا) متجهة إلي نقاده ثم أشار إلينا بالركوب.
كنت مازلت أقاوم النعاس وكانت عينياي تدمع عندما يخترقها الهواء الذي كانت شدة تقوي كلما أسرعت السيارة الربع نقل المكشوفة، وخلال محاولتي للسيطرة علي دموع عيني وعلي شعري المنكوش، توقفت السيارة لتقل ركاب جدد.
وقفت من مقعدي حيث كنت اجلس علي باب "التايووتا"
لأسمح لامرأة كبيرة في السن بالركوب، ولكن عندما نظرت إليها عرفتها فارتسمت ابتسامة
عريضة علي شفتي، أخذت بيدها لأساعدها، وأفسحت لها مجالا لتجلس وأمددت إليها يدي لأسلم
عليها.
لم يبدو أن المراة قد عرفتني، فقلت لها ألا تتذكريني يا عمتي، فنظرت إلي وجهي كرة أخري بتركيز أكثر وتحججت بكبر سنها وضعف نظرها، فحاولت مداعبتها بقولي " مش عارفاني وانا وش السعد"، فزادت حيرة المرأة أكثر وأكثر، ورحمة بسنها الكبير جعلت الأمور عليها أسهل بقولي "نسيتيني يا ام صلبوخ نسيت اني انا اول من بشرك".
فأمسكت المرأة بيدي تقبل ظهرها وباطنها وهي تقول
زوجة عبد المقصود: "شو حوالك يا ولدي، ماشاء الله عليك كبرت وبقت
راجل عاد، ويا مزبوغ ولا يوم تعدي تسلم علينا من ساعتها، والنبي انا لغاية ماموت مش
حانسي الحكاية دي، والله يرحمه عبد المقصود قاعد فكرهالك وكل شوية يقول لابوك مخلفلك
عيل قرد،
ثم تبدل وجهها حزنا واردفت
"سمعت ان صاحبك مات عاد، الكاراكتر، كان تعبان يا خي، جرينا بيه علي الدكاترة كتير بس كبدة كان اتهري، مكان زيك شقي – الدعبرة عليك – مسابش مشروع ولا حوض مكنة الا وكان استحمي فيه، لما الهاريسا قضت عليه"
ثم توقفت السيارة مرة أخري لتقل احد الركاب الجدد والذي كان شابا أسمر في مثلي سني تقريبا ممسكا بسيجارة "مارلبوروا"
ثم استكملت أم صلبوخ كلامها
بنغمه فرحة
زوجة عبد المقصود: بتشوف صلبوخ ؟ كبر عاد وبقي راجل بسمالله ماشاء الله عليه، وسألته عليك قالي انك بتدرس في الكلية ، بس هو مشافاكش ولا مرة، عشان كليتك قالي بعيدة مش في قنا زي العواويل التانية بتاعت البلد".
واستمر حواري مع ام صلبوخ حتى وصلنا إلي نقادة، فقد
كنت في حاجة ماسة لحوارها معي حيث ذكرتني بطفولتي السعيدة قبل ان يلكمني القدر لكماته القاتلة، وكانت هي تجد
في محادثتي شيء من عبق الماضي وشبابها الآفل وزجها المتوفي والكاراكتر وبابنها الفتي.
وقلت لها ممازحا "ليكي عليا ربع جنيه فكراه،
حدفعهولك اجرة" ولكن الشاب الأسمر صاح قائلا "خلاص يا جماعة انا دفعت ليكم
كلكم". وفي النهاية طلبت مني ام صلبوخ بان أساعدها في إيجاد نوع من الدواء في
سوهاج لكونه غير متوفر في أي من صيدليات المركز.
هبطنا من السيارة ودلفنا في احدي دروب نقادة الضيقة
ذات الريحة الكريهه
علي" أنت تعرف المرة دي من فين"؟
انا: ملكش دعوة خلينا في موضوعك دلوقتي
خالد ضاحكا: ده أهم من الموضوع اللي كان عايزك فيه،
"ثم أردف ليفهمني أكثر" "علي
يا سيدي عايز يخطب البت اللي كانت مع المرأة العجوز اللي كنتوا بتحكوا مع بعض"
ولكني لم ألاحظ أي فتاة كانت
برفقة أم صلبوخ، وقد يكون هذا بسبب عاداتي في غض النظر!
أنا: أي بت انا مخدتش لبالي،
وبعدين أنا مالي
علي: الموضوع جد ومش بهزار، أنا عايز أتقدم واخطبها
خالد: المرة دي بجد وانا ضامنه، خلص كليته وجيشه وحيخطب تكون وظيفته جاتلة علي طول.
أنا: ممكن نغير السيرة!! مين الواد الاسمر اللي دفع الاجرة.
علي: ده ابراهيم اللي كان معانا في الابتدائي وساب المدرسة وبعدين طلع الكويت
أنا: مش فاكره ابراهيم مين
خالد: ابراهيم المزنن ، نسيت ابراهيم ابو زنونة
أنا: يا سبحان الله،
انقضت حاجة "علي" بشراءه حزاء رياضي من شركة باتا، ولم يكن في حاجة ماسة للمساعدة وانما فقط اراد ازعاجي
وفي المساء التقيت بعلي حيث كان يجلس نفس جلسته في الصباح وكأن الزمن قد تجمد، وكنا في انتظار "خالد"، وجاء خالد ولكن بدت علي وجهة علامات الضيق، ثم طلب خالد أن اذهب معه ليبتاع علبة سجائر ، وماكدنا نبعتد خطوات قليلة حتي قال
خالد: فيه خبر مش حلو يخص "علي" ومش عارف اقلهوله كيف
أنا: ياساتر يارب، خبر ايه؟
خالد: اللي كان عايز يخطبها اتقدملها عريس النهاردة
أنا: وانت عرفت ازاي؟
خالد: عرفت زي ما عرفت
أنا: مين العريس؟
خالد: الواد اللي كان راكب معانا في العربية النهاردة
أنا : الواد ابراهيم
خالد: ايوة، بس عايزين نقول الخبر ل"علي" بطريقة
متخلهوش يزعل ومنجرحش شعوره
ابتعنا السجائر، وفور عودتنا ل"علي" صحت بصوت عالي
أنا (صائحا) : يا علي
علي : أيوة، مالك بتزعق ليه؟
أنا: يسلم عليك ابراهيم اللي قبلناه النهارد
علي: ابراهيم المزنن
أنا: لا ابراهيم الكويتي
علي: عايز ايه
أنا: بيقلك جاك الطين
نستكمل في المرة القادمة ان
كان في العمر بقية
اجزاء سابقة من الرواية
هنا الكويت: تمهيد
هنا الكويت (1): مسقط الرأس (1)
هنا الكويت (3): الحاج عبد المقصود
هنا الكويت (4): عبد الرزاق
هنا الكويت (5): الحاجة ام الدنيا
حمدي غالب يكتب: هنا الكويت (6): صلبوخ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك