الجمعة، أكتوبر 25، 2013

حمدي غالب يكتب: هنا الكويت: (8): قلب موجوع (2)

"اللي يقلك كلامك بارد اخبطه بصلبوخ في عينه" هذه كلمات الاستاذ ايمن دنقل تشجيعا لي لمواصلة الكتابة، والاستاذ ايمن دائم التشجيع لي حتي انه اطلق علي لقب "ألابنودي الطوخي" نسبة لعبد الرحمن الابنودي. فجزيل الشكر لك استاذ ايمن.

هنا الكويت 8: قلب موجوع (2)

ساعة مضت وكأن الطير علي رؤس ثلاثتنا، صمت تام وكأننا اموات غير أن "علي" لم يتوقف عن نفخ دخان سجائره او بالأحري سجائر خالد، وكان خالد بين الفينة والاخري يرمقني بنظرة لوم علي طريقتي في تبليغ "علي" بالخبر المحزن، ثم بدأ "علي" في الهذيان:


 لا تلوما أنفسكما علي تبليغي هذا الخبر السئ، فقد كان هذا متوقعا، فأنني السبب؟ سلبيتي هي السبب، انتظرت الفرج ولم أسعي اليه، ثلاث أعوام منذ أنتهائي من تأدية الخدمة العسكرية وأنا اتسكع في الطرقات، تارة هنا وتارة هناك، انتظرت أن يتساقط علي الرطب ولم احمل نفسي حتي عناء هز جزع النخلة.


ولكني أيضا معذور فلا حيلة لدي، خرجت الي الدنيا يتيم الأب، أتخبط في جدران حياة شقية، تحاملت علي نفسي وانهيت دراستي دون ان اكلف خالي اي مصاريف زائدة، لم اذهب الي درس خصوصي يوما، وكنت اقضي عامي الجامعي بطقم ملابس واحد، وفي الجيش كذلك، فهل انا فاشل ام أن السماء تعاقبني علي جرم لا اعلمه، ولكن مهما كان عظم الجرم فهل استحق هذا الجزاء، مريضا بالاحباط بلا أمل ولا رجاء.


مثلي ما كان له أن يحب، فقلوب البشر درجات، وقلبي فيما يبدو لم يخلق للحب، فقلبي أخطا طريقه وسكن في صدري، وكذلك عقلي الحالم الذي جعلني اتخيل يوما بانني ساصبح ناجحا كأيتام كثر، ولكن لم يكن اليتم وحده الذي يعاديني بل كان له حليفا قويا هو سوء الحظ.


أنظرا الي قريتنا هذه، يظن المرء في الوهلة الاولي بأن اهلها سواء، ولكن في الحقيقة هم ليسوا كذلك، فهناك الغني وهناك الفقير، أنا من هؤلاء الفقراء حيث اعيش في بيت جد امي المتهالك وليس لي من يشدد من عضدي، حتي خالي قد استولي علي (قراطين الارض) ميراث امي المتواضع نظير لقيماته التي كان يطعمها لي وأمي.


وصل السيل الزبي، لم يعد هناك بديلا عن المغامرة، ساقبل ما كنت ارفضه في الماضي، ساجعل امي تستدين من كل عائلتي وتستجديهم لأسافر للعمل في الكويت، كنت اخشي الاستدانة لخوفي من الفشل الذريع بعدم تمكني من العمل هناك وبان لا استطيع تسديد ديوني، نعم ساعداي الضعيفتان لم تخلقا لجسد فقير، ولكن إن لم تقويا علي العمل لا حاجة لي بهما، ساسافر حتما وقريبا فلم يعد هناك شيئا ابكي علي خسارته.



وبنهاية كلماته الحزينة سمح "علي" لدموعه المتحجره في عينيه بأن تسيل، وبالتاكيد لم تكن دموع "علي" ولا حسرته علي "فتاة" احبها كما فهمنا من قبل ولكن الحسرة كانت علي دنيا مسوده في ناظريه.


 فقد اقسم "علي" بانه لم يري تلك الفتاة الا ثلاث مرات فقط مرة غداة  نجاحه في السنة النهائية من الجامعة والثانية عند وصوله من كتيبته حاملا شهادة الخدمة العسكرية ام الثالثة فكانت اليوم، فقد كانت الفتاة تمثل له الأمل، أمل يجبره علي الحياة، امل يلطف من حدة ليالي حياته السوداء، أمل ينير له الطريق حتي لا يقع في حفر اليأس وخيبة الرجاء، ولكن هذا الأمل تم تحطيمه اليوم تحت اقدام "إبراهيم المزنن" الطفل التعس الذي حولته الكويت بقدرة قادر الي سعيد. 

نستكمل في المرة القادمة ان كان في العمر بقية

اجزاء سابقة من الرواية

هنا الكويت: تمهيد



هنا الكويت (1): مسقط الرأس (1)



هنا الكويت (2): مسقط الرأس (2)


هنا الكويت (3): الحاج عبد المقصود

هنا الكويت (4): عبد الرزاق


هنا الكويت (5): الحاجة ام الدنيا


حمدي غالب يكتب: هنا الكويت (6): صلبوخ


حمدي غالب يكتب: هنا الكويت (7): قلب موجوع (1)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك