آلام السيد المغترب
شب
عندما يتوفى الله أحد أهالي المعمورة تجد أن
أبناء طوخ في الكويت وفي شتي بقاع الغربة يتسابقون على الدخول على مدونة طوخ
المعمورة لمعرفة ارقام تليفونات العزاء ومن ثم الاتصال وتقديم واجب العزاء للأهل والأحباب ولكل من يعرفه ولا يعرفه من أهل البلدة، ولكن في المقابل لا أحد يفكر ابدا واطلاقا
من اهل البلدة الاتصال لتعزية أحد المغتربين في عزيز له على الرغم ان الاتصالات
الدولية صارت ببلاش من خلال تطبيقات الهواتف الذكية كالفايبر وغيرها.
هذه مقدمه بسيطة لحكاية ورواية طويلة جداً من
آلام المغترب، فالمغترب يعيش حياة بلا طعم ولا لون في الغربة، يكافح من اجل لقمة
العيش، يعاني من اصدار التصاريح الخاصة بالاقامة "دق الاقامة"، تجبره
ايام الغربة على التعامل مع صنوف من البشر يختلفون في مجموعة القيم الاخلاقية التي
تحكمهم فمنهم الشرير ومنهم الطيب ومنهم الأمين ومنهم اللي ياكل مال النبي.
وبالاضافة الي المعاناة في طلب الرزق الحلال،
تأتي المعاناة في أوقات الراحة، ومن أين تأتي الراحة في الغرف المكتظة، فبينما لا
تزيد مساحة الغرفة عن 3*3 ستجد أن هناك على اقل تقدير 5 أشخاص يقطونها، يأكلون
فيها ويقضون حاجاتهم وينامون فيها على سراير بدورين، ثم ياتي هم اعداد الطعام
"الطبيخ" وتنظيف الملابس "الغسيل"
لا توجد رفاهية للمغترب ولا يعرف وسائلها، لا
يبتاع لنفسه الا الشئ الضروري، لا يهتم بمنظره ولا بملبسه، والاكل يكتفي بالضروري
الذي يعينه على الشقاء، لا يعرف للفاكهة طريق الا ما رحم ربي، ولكنه على العكس
تماما عند شراؤه للاغراض التي سيرسلها للأهل والاحباب في بلاد الوطن، ويظل على
حالته هذا طيلة وجوده في الغربة ويمني نفسه باجازة قريبة يتنفس فيها الصعداء في
وطنه وسط أهله وأحبابه.
ولكن حتى الاجازة اصبحت لا تستطيع تخفيف الام
السيد المغترب، ففور وصوله الي ارض الوطن يجد نفسه في صراع مع إحدى القوي المسيطرة
على زمام الأمور (الثالوث المتحكم): الوالدين، أو الزوجة المتسلطة، أو الأبناء
المتنمرين، ما من متغرب ينزل إجازة إلا وقد عانى من ظلم وقهر إحدى السلطات السابقة
منفصلة أو مجتمعة.
فالوالدين لن يعترفا أبدا بأن السيد المغترب قد
أصبح رجلاً مكتمل الرجولة، له مطلق الحرية في اختياراته وقرارته، وبأنه له شخصيته
المستقلة، ويعايراه دوما بأنه "كان بشخة" ويصفاه بأنه ابن عاق، الضلع
الثاني من ثالوث الحكم هي تلك الزوجة والتي بحكم غياب زوجها لسنوات طوال ولبقائها
في بيت منفصل عن بيت العائلة ظنت نفسها بانها هي رجل البيت، هي الآمر الناهي، هي
الحاكم الفعلي والمصرف لشؤون الاسرة، فعندما ينزل المغترب اجازة تشعر زوجته بأن
مملكتها في خطر، ونفوذها في خطر، فلا تريد منه التدخل في أي أمور ولا اتخاذ أي
قرار، وتبدأ في ابتزازه بطرق شتي لا داعي للتطرق اليها، الضلع الثالث هو الأبناء
المتنمرين، فقد يعتاد الأبناء على جو الحرية المتوفر لهم في غياب الأب لدرجة
تجعلهم يشمئزون من عودة الأب المغترب، ويعدون الأيام والليالي التي يرحل فيها هذا
الاب ويعود إلى غربته.
وما يزيد الطين بلة هي شخصية المغترب أساسا
بأنه يحاول دوما أن يكون على قدر المسئولية، أن يكتم في نفسه، ويكبح جماح غضبه على
الدوام، أن يعيش في دور "الشمعة التي تنير للآخرين"، حتى يصاب بكافة الامراض
المزمنة من ضغط وسكر وغيرها، فيا أيها المغترب لا تحمل نفسك فوق طاقتها، واعلم ان
الله لا يكلف نفسا الا وسعها، وبأن الله الرحمن الرحيم قد يجعل من عذابك في الغربة
سببا لغفران نوبات غضبك للدفاع عن كينونتك إذ ما دعت الحاجة لذلك.
هنا الكويت: تمهيد
هنا الكويت (1): مسقط الرأس (1)
هنا الكويت (2): مسقط الرأس (2)
هنا الكويت (3): الحاج عبد المقصود
هنا الكويت (4): عبد الرزاق
هنا الكويت (5): الحاجة ام الدنيا
هنا الكويت (6): صلبوخ
هنا الكويت (7): قلب موجوع (1)
هنا الكويت 8: قلب موجوع (2)
هنا الكويت (9): العدم ممانعة (1)
هنا الكويت (10): عدم الممانعة (2) أبو النورس
هنا الكويت (11): غفوة شوق
هنا الكويت (12) : قطعة 4
هنا الكويت (13) : حوش الفلاسفة
http://toukhqena.blogspot.com/2014/10/13.html
هنا الكويت (14) : أمور جدية
http://toukhqena.blogspot.com/2014/12/14.html
هنا الكويت (15) : أمور جدية 2
حمدي غالب يكتب: هنا الكويت (16) أمور جدية 3
هنا الكويت (17): أمور جدية 4
هنا الكويت(18): أمور جدية 5- أخيرة
http://toukhqena.blogspot.com/2015/08/18-5.html
حمدي غالب يكتب هنا الكويت 19: أجازتك خلصت
http://toukhqena.blogspot.com/2015/12/19.html
حمدي غالب يكتب هنا الكويت 20: الواد الجن (1)
http://toukhqena.blogspot.com/2016/03/20-1.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك