الاثنين، مارس 23، 2015

حمدي غالب يكتب: هنا الكويت (16) أمور جدية 3

حمدي غالب يكتب: هنا الكويت (16) أمور جدية 3

أخذ عبد الصبور الكارت وتوجه مرة اخري الي كابينة الاتصال، اتصل علي نفس الرقم ولكنه وجد ان زوجته مازالت في انتظاره بعد كل هذا الوقت، لم تبرح مكانها وهي علي يقين بان زوجها سيتصل بها مرة اخري:-

عبد الصبور: ليه انت مروحتيش ياك

زوجته: عارفاك يا خي حتتصل تاني، قلنا بدال مروحوا وناجوا

عبد الصبور: المهم انت بتقولي الواد كويس صح

زوجته: ايوة يا خي بس

عبد الصبور: بس ايه

زوجته: أهيني هقلك، ولا اقلك يا خي حنبعتولك شريط النهادة، أبو النورس حيركب النهادة بالليل، وحنحكولك علي كل حاجة من طقطق لسلام عليكم.

عبد الصبور: طيب، حاسمع شريطكم، وبعدين اشوف واكلمكم بعدين. يالا سلام

اغلق عبد الصبور الهاتف في عجلة من امره، ليوفر ثواني من وقت الكارت يستفيد بها في المرة المقبلة، الان أصبح أكثر هدوء لعلمه بأن كافة التفاصيل اتية له الليلة، ولان نبرة صوت زوجته التمس فيها الهدوء والطمأنينة، فيما يبدو انها قد اتخذت القرار ولكنها في حاجة الي تأكيده، فقد اراحت عبد الصبور تلك الفكرة بان القرار قد اتخذ فعلي حد وصفه "اكتر حاجة بتوجع الدماغ الوش الكتير"، القرارات واتخاذها كانت بمثابة "الوش" لعبد الصبور واخوانه في الغربة، فقد قالها أحدهم سابقا "تكسير الحجارة ولا طلب الاستشارة".


وبما أن اليوم عطله فقد وجد عبد الصبور انها لفرصة بإعداد الطعام له ولبقية شركاء الغرفة، فتوجه ناحية محل الجزارة علي ناصية الشارع الضيق.


سرح عبد الصبور بفكره في بنيته، بالأمس القريب بشروه بمولدها، كان وقتها في احدي اليوميات بمنطقة "هديه" فقرر تسمية المولودة الجديدة هدية، ولكن سبق السيف العزل فقد تم كتابتها في "الحكومة" "فاطمة" وذلك لتأخر "الشريط" عن الوصول إلى الاهل في الوقت المناسب.


علي جانبي الشارع الضيق "الدرب" كان يفترش البائعة الأسيويين، كل شيء متواجد ومتوفر بأرخص الأسعار، جلس عبد الصبور بجانب احدهم وهو من الجنسية البنغالية واسمه "منير"، واخذ يقلب بيديه في أصناف البضاعة المتراصة: خلالات اسنان، اعواد قطن تنظيف الاذن، جوارب، سراويل بيضاء، ملابس داخلية شبه قطنية، لعب أطفال. امسك عبد الصبور بإحدى عرائس الأطفال وابتسم، انها شبيه بأول عروسة قد ابتاعها لبنته، مرت السنون وكبرت البنت وأصبحت عروسة، ومازل هو في غربته ومازال منير يبيع نفس الدمية على "فرشته".


انتقل عبد الصبور من "فرشة" منير الي فرشة "فخر الدين" بائع بنغالي آخر، وكأن الدرب الضيق يستحق عن جدارة "سوق البنغال"، فخر الدين نظر الي عبد الصبور نظرة تحمل في طياتها "الصبر عشان العشرة"، يعلم من وجه عبد الصبور انه لن يبتاع شيء، فقد كان البنغال او الباعة البنغال يعرفون تلك القاعدة بأن "صعيدي نوم بخيل، صعيدي شغل يشيل أغراض".


ما بين دمية "العروسة" للطفلة، والطفلة التي صارت "عروسة"، ظل عبد الصبور يفكر ويفكر. يفكر في أيامه التي ولت، وأولاده الذين كبروا في غيابه، فامتزجت مشاعر الفرح بألم الغربة، فارتسمت على وجه حيرة باهرة، حاول "أيوب" طيلة النهار ان يفك طلاسمها.

أ. حمدي غالب


هنا الكويت: تمهيد

هنا الكويت (1): مسقط الرأس (1)

هنا الكويت (2): مسقط الرأس (2)
هنا الكويت (3): الحاج عبد المقصود

هنا الكويت (4): عبد الرزاق

هنا الكويت (5): الحاجة ام الدنيا

هنا الكويت (6): صلبوخ

هنا الكويت (7): قلب موجوع (1)

هنا الكويت 8: قلب موجوع (2)

هنا الكويت (9): العدم ممانعة (1)

هنا الكويت (10): عدم الممانعة (2) أبو النورس

هنا الكويت (11): غفوة شوق

هنا الكويت (12) : قطعة 4
http://toukhqena.blogspot.com/2014/08/12-4.html

هنا الكويت (13) : حوش الفلاسفة
 
http://toukhqena.blogspot.com/2014/10/13.html

هنا الكويت (14) : أمور جدية
http://toukhqena.blogspot.com/2014/12/14.html

هنا الكويت (15) : أمور جدية 2


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك