في صباح يوم اقل جمالاً من يومنا هذا كنت جالس في مكاني المعتاد بالصف الامامي من ناحية نافذة الفصل المطلة علي اشجار الموز، حين دخل علينا مدرس اللغة العربية حاملا بين يديه سجارة مشتعلة وقلم عاري الرأس وميدالية مفاتيح وكشكول ممزق، فنهضنا احتراما ليس لهيئته ولكن للعلم الذي سوف يمنحنا اياه، فألاح الينا بيديه المكتسية بخضرة نباتات حقله بأن نجلس، وبادرنا بالقول بان درس اليوم هو قصيدة التينة الحمقاء، وهي تينة غرتها أفنانها الباسقة فقالت لأحرمن الناس من ظلي، ظنت بأنها الأصل وكل شي سواها غير مجدي، فقتلها غرورها وأصبحت عود يابس بلا ورق، فلم تعد تروق للبستاني رؤيتها كالوتد، فاجتثها من فوق الأرض والقي بها وقود للنار.
وعند تذكري لقصتها الان ارتجفت خوفا علي شجيراتنا حديثة الغرس، التي زرعناها ضمن مشروع التشجير بقريتنا الحبيبة، فدعوت الله ان يتقبلها قبولا حسنا وان لا يجعلها أشجار حمقاء، والا تبخل بظلها علي عباد الله ممن غرسوا فسيلتها في الأرض، فشجيراتنا ليست مجرد شجيرات ولكنها الامل، فنحن غرسنا امل في رحم دنيا انقطع طمثها، زرعنا الأمل وندعو الله الا تبخل شجيراتنا بثمارها علي أولادنا.
وانني أرجوالا تتحول الشرعية القيادية الجديدة في القرية االتي غرسها الشباب صغارا وكبار بايديهم الي تينة حمقاء تبخل بظلها علي من قاموا بغرسها، تغض الطرف عن استفساراتهم واسئلتهم ولاتسمع أراءهم ولا تحتوي امانيهم واحلامهم، اخاف ان ياتي يوم ونري قيادتنا الشابة وقد ملاها الكسل وسارت علي درب السابقين ونسوا امال الشباب الذين حملوهم علي الاعناق، اخاف ان تنسي القيادة الشابة ان امر المسلمين شوري بينهم، بايعكم الشباب علي الطاعة ولكن ان تخاذلتم او تهاونتم في حقوقنا وانغرستم في فلسفات عمل اجتماعي فاشلة فالحساب سيكون عسير، فاننا نحترمكم مثلما ألفنا أن نحترم معليمنا من قبل ليس لهيئاتهم ولكن لعلمهم وللوعود التي وعدتمونا بها، وإنني اخشي ان يأتي هذا اليوم الذي نري فيه قيادتنا الشابة جدباء كالوتد فحينها سنفعل معها كما فعل البستاني مع تينته الحمقاء.
حمدي غالب طايع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك برأيك